فأخبرته بذلك وقلت أمض في حكم الله فقال ( أعتق رقبة ) فأوجب الرسول عليه السلام عليه الكفارة مع أنه لم يذكر تكرار الظهار القول الثالث قال أبو مسلم الأصفهاني معنى العود هو أن يحلف على ما قال أولاً من لفظ الظهار فإنه إذا لم يحلف لم تلزمه الكفارة قياساً على مالو قال في بعض الأطعمة إنه حرام عليَّ كلحم الآدمي فإنه لا تلزمه الكفارة فأما إذا حلف عليه لزمه كفارة اليمين وهذا أيضاً ضعيف لأن الكفارة قد تجب بالإجماع في المناسك ولا يمين هناك وفي قتل الخطأ ولا يمين هناك
أما قوله تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَة ٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ففيه مسائل
المسألة الأولى اختلفوا فيما يحرمه الظهار فللشافعي قولان أحدهما أنه يحرم الجماع فقط القول الثاني وهو الأظهر أنه يحرم جميع جهات الاستمتاعات وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ودليله وجوه الأول قوله تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَة ٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فكان ذلك عاماً في جميع ضروب المسيس من لمس بيد أو غيرها والثاني قوله تعالى وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ ألزمه حكم التحريم بسبب أنه شبهها بظهر الأم فكما أن مباشرة ظهر الأم ومسه يحرم عليه فوجب أن يكون الحال في المرأة كذلك الثالث روى عكرمة ( أن رجلاً ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر فأتى النبي ( ﷺ ) فأخبره بذلك فقال اعتزلها حتى تكفر )
المسألة الثانية اختلفوا فيمن ظاهر مراراً فقال الشافعي وأبو حنيفة لكل ظهار كفارة إلا أن يكون في مجلس واحد وأراد بالتكرار التأكيد فإنه يكون عليه كفارة واحدة وقال مالك من ظاهر من امرأته في مجالس متفرقة مائة فليس عليه إلا كفارة واحدة دليلنا أن قوله تعالى وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نّسَائِهِمْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَة ٍ يقتضي كون الظهار علة لإيجاب الكفارة فإذا وجد الظهار الثاني فقد وجدت علة وجوب الكفارة والظهار الثاني إما أن يكون علة للكفارة الأولى أو لكفارة ثانية والأول باطل لأن الكفارة وجبت بالظهار الأول وتكوين الكائن محال ولأن تأخر العلة عن الحكم محال فعلمنا أن الظهار الثاني يوجب كفارة ثانية واحتج مالك بأن قوله وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ يتناول من ظاهر مرة واحدة ومن ظاهر مراراً كثيرة ثم إنه تعالى أوجب عليه تحرير رقبة فعلمنا أن التكفير الواحد كاف في الظهار سواء كان مرة واحدة أو مراراً كثيرة والجواب أنه تعالى قال لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الاْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَة ِ مَسَاكِينَ ( المائدة ٨٩ ) فهذا يقتضي أن لا يجب في الإيمان الكثيرة إلا كفارة واحدة ولما كان باطلاً فكذا ما قلتموه
المسألة الثالثة رجل تحته أربعة نسوة فظاهر منهن بكلمة واحدة وقال أنتن علي كظهر أمي للشافعي قولان أظهرهما أنه يلزمه أربع كفارات نظراً إلى عدد اللواتي ظاهر منهن ودليله ما ذكرنا أنه ظاهر عن هذه فلزمه كفارة بسبب هذا الظهار وظاهر أيضاً عن تلك فالظهار الثاني لا بد وأن يوجب كفارة أخرى
المسألة الرابعة الآية تدل على إيجاب الكفارة قبل المماسة فإن جامع قبل أن يكفر لم يجب عليه إلا كفارة واحدة وهو قول أكثر أهل العلم كمالك وأبي حنيفة والشافعي وسفيان وأحمد وإسحق رحمهم الله وقال بعضهم إذا واقعها قبل أن يكفر فعليه كفارتان وهو قول عبدالرحمن بن مهدي دليلنا أن الآية دلت على أنه يجب على المظاهر كفارة قبل العود فههنا فاتت صفة القبلية فيبقى أصل وجوب الكفارة وليس في


الصفحة التالية
Icon