فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ثم ذكر تعالى حكم العاجز عن الرقبة فقال فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً فدلت الآية على أن التتابع شرط وذكر في تحرير الرقبة والصوم أنه لا بد وأن يوجدا من قبل أن يتماسا ثم ذكر تعالى أن من لم يستطع ذلك فإطعام ستين مسكيناً ولم يذكر أنه لا بد من وقوعه قبل المماسة إلا أنه كالأولين بدلالة الإجماع والمسائل الفقهية المفرعة على هذه الآية كثيرة مذكورة في كتاب الفقه
ثم قال تعالى ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ وفي قوله ذالِكَ وجهان الأول قال الزجاج إنه في محل الرفع والمعنى الفرض ذلك الذي وضعناه الثاني فعلنا ذلك البيان والتعليم للأحكام لتصدقوا بالله ورسوله في العمل بشرائعه ولا تستمروا على أحكام الجاهلية من جعل الظهار أقوى أنواع الطلاق وفي الآية مسائل
المسألة الأولى استدلت المعتزلة باللام في قوله لّتُؤْمِنُواْ على أن فعل الله معلل بالغرض وعلى أن غرضه أن تؤمنوا بالله ولا تستمروا على ما كانوا عليه في الجاهلية من الكفر وهذا يدل على أنه تعالى أراد منهم الإيمان وعدم الكفر
المسألة الثانية استدل من أدخل العمل في مسمى الإيمان بهذه الآية فقال أمرهم بهذه الأعمال وبين أنه أمرهم بها ليصيروا بعملها مؤمنين فدلت الآية على أن العمل من الإيمان ومن أنكر ذلك قال إنه تعالى لم يقل ( ذلك لتؤمنوا بالله بعمل هذه الأشياء ) ونحن نقول المعنى ذلك لتؤمنوا بالله بالإقرار بهذه الأحكام ثم إنه تعالى أكد في بيان أنه لا بد لهم من الطاعة وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي لمن جحد هذا وكذب به
إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى في المحادة قولان قال المبرد أصل المحادة الممانعة ومنه يقال للبواب حداد وللمنوع الرزق محدود قال أبو مسلم الأصفهاني المحادة مفاعلة من لفظ الحديد والمراد المقابلة بالحديد سواء كان ذلك في الحقيقة أو كان ذلك منازعة شديدة شبيهة بالخصومة بالحديد أما المفسرون فقالوا يحادون أي يعادون ويشاقون وذلك تارة بالمحاربة مع أولياء الله وتارة بالتكذيب والصد عن دين الله
المسألة الثانية الضمير في قوله يُحَادُّونَ يمكن أن يكون راجعاً إلى المنافقين فإنهم كانوا يوادون


الصفحة التالية
Icon