فقال كَتَبَ اللَّهُ لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى وفيه مسألتان
المسألة الأولى قرأ نافع وابن عامر أَنَاْ وَرُسُلِى بفتح الياء والباقون لا يحركون قال أبو علي التحريك والإسكان جميعاً جائزان
المسألة الثانية غلبة جميع الرسل بالحجة مفاضلة إلا أن منهم من ضم إلى الغلبة بالحجة الغلبة بالسيف ومنهم من لم يكن كذلك ثم قال إِنَّ اللَّهَ قَوِى ٌّ على نصرة أنبيائه عَزِيزٌ غالب لا يدفعه أحد عن مراده لأن كل ما سواه ممكن الوجود لذاته والواجب لذاته يكون غالباً للممكن لذاته قال مقاتل إن المسلمين قالوا إنا لنرجو أن يظهرنا الله على فارس والروم فقال عبد الله بن أبي أتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتموهم كلا والله إنهم أكثر جمعاً وعدة فأنزل الله هذه الآية
لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاٌّ خِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَائِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِى َ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَائِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
المعنى أنه لا يجتمع الإيمان مع وداد أعداء الله وذلك لأن من أحب أحداً امتنع أن يحب مع ذلك عدوه وهذا على وجهين أحدهما أنهما لا يجتمعان في القلب فإذا حصل في القلب وداد أعداء الله لم يحصل فيه الإيمان فيكون صاحبه منافقاً والثاني أنهما يجتمعان ولكنه معصية وكبيرة وعلى هذا الوجه لا يكون صاحب هذا الوداد كافراً بسبب هذا الوداد بل كان عاصياً في الله فإن قيل أجمعت الأمة على أنه تجوز مخالطتهم ومعاشرتهم فما هذه المودة المحرمة المحظورة قلنا المودة المحظورة هي إرادة منافسه ديناً ودنيا مع كونه كافراً فأما ما سوى ذلك فلا حظر فيه ثم إنه تعالى بالغ في المنع من هذه المودة من وجوه أولها ما ذكر أن هذه المودة مع الإيمان لا يجتمعان وثانيها قوله وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ والمراد أن الميل إلى هؤلاء أعظم أنواع الميل ومع هذا فيجب أن يكون هذا الميل مغلوباً مطروحاً بسبب الدين قال ابن عباس نزلت هذه الآية في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد وعمر بن لخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر وأبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز فقال النبي عليه الصلاة والسلام ( متعنا بنفسك ) ومصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير وعلي بن أبي طالب وعبيدة قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يوم بدر أخبر أن هؤلاء لم يوادوا أقاربهم


الصفحة التالية
Icon