الثالث أصحاب عيسى قالوا نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وأصحاب محمد لم يقولوا هكذا نقول خطاب عيسى عليه السلام بطريق السؤال فالجواب لازم وخطاب محمد ( ﷺ ) بطريق الإلزام فالجواب غير لازم بل اللازم هو امتثال هذا الأمر وهو قوله تعالى كُونُواْ أَنصَارَ اللَّهِ
ثم قال تعالى يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنَّصَارِى
قال ابن عباس يعني الذين آمنوا في زمن عيسى عليه السلام والذين كفروا كذلك وذلك لأن عيسى عليه السلام لما رفع إلى السماء تفرقوا ثلاث فرق فرقة قالوا كان الله فارتفع وفرقة قالوا كان ابن الله فرفعه إليه وفرقة قالوا كان عبد الله ورسوله فرفعه إليه وهم المسلمون واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس واجتمعت الطائفتان الكافرتان على الطائفة المسلمة فقتلوهم وطردوهم في الأرض فكانت الحالة هذه حتى بعث الله محمداً ( ﷺ ) فظهرت المؤمنة على الكافرة فذلك قوله تعالى يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ وقال مجاهد فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ يعني من اتبع عيسى وهو قول المقاتلين وعلى هذا القول معنى الآية أن من آمن بعيسى ظهروا على من كفروا به فأصبحوا غالبين على أهل الأديان وقال إبراهيم أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد ( ﷺ ) وأن عيسى كلمة الله وروحه قال الكلبي ظاهرين بالحجة والظهور بالحجة هو قول زيد بن علي رضي الله عنه والله أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين


الصفحة التالية
Icon