وأقول للمعتزلة أن يتمسكوا بهذه الآية على أن الكفر ليس من الله وذلك لأنه وصف القرآن بأنه تذكرة للمتقين ولم يقل بأنه إضلال للمكذبين بل ذلك الضلال نسبه إليهم فقال وإنا لنعلم أن منكم مكذبين ونظيره قوله في سورة النحل وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا ( النحل ) واعلم أن الجواب عنه ما تقدم
ثم قال تعالى
وَإِنَّهُ لَحَسْرَة ٌ عَلَى الْكَافِرِينَ
الضمير في قوله إِلَى َّ أَنَّهُ إلى ماذا يعود فيه وجهان الأول أنه عائد إلى القرآن فكأنه قيل وإن القرآن لحسرة على الكافرين إما يوم القيامة إذا رأوا ثواب المصدقين به أو في دار الدنيا إذا رأوا دولة المؤمنين والثاني قال مقاتل وإن تكذيبهم بالقرآن لحسرة عليهم ودل عليه قوله وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ ( الحاقة ٤٩ )
ثم قال تعالى
وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ
معناه أنه حق يقين أي حق لا بطلان فيه ويقين لا ريب فيه ثم أضيف أحد الوصفين إلى الآخر للتأكيد ثم قال
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
إما شكراً على ما جعلك أهلاً لإيحائه إليك وإما تنزيهاً له عن الرضا بأن ينسب إليه الكاذب من الوحي ما هو بريء عنه وأما تفسير قوله فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ فمذكور في أول سورة سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى وفي تفسير قوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والله سبحانه وتعالى أعلم وصلاته وسلامه على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين


الصفحة التالية
Icon