واعتبر هنا الرجوع إلى التجارة لما أنها أهم إليهم وقوله تعالى وَتَرَكُوكَ قَائِماً اتفقوا على أن هذا القيام كان في الخطبة للجمعة قال جابر ما رأيت رسول الله ( ﷺ ) في الخطبة إلا وهو قائم وسئل عبد الله أكان النبي يخطب قائماً أو قاعداً فقرأ وَتَرَكُوكَ قَائِماً وقوله تعالى قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ أي ثواب الصلاة والثبات مع النبي ( ﷺ ) خَيْرٌ مّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التّجَارَة ِ من اللهو الذي مر ذكره والتجارة التي جاء بها دحية وقوله تعالى وَاللَّهُ خَيْرُ الرزِقِينَ هو من قبيل أحكم الحاكمين وأحسن الخالقين والمعنى إن أمكن وجود الرازقين فهو خير الرازقين وقيل لفظ الرازق لا يطلق على غيره إلا بطريق المجاز ولا يرتاب في أن الرازق بطريق الحقيقة خير من الرازق بطريق المجاز وفي الآية مباحث
البحث الأول أن التجارة واللهو من قبيل ما لا يرى أصلاً ولو كان كذلك كيف يصح وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَة ً أَوْ لَهْواً نقول ليس المراد إلا ما يقرب منه اللهو والتجارة ومثله حتى يسمع كلام الله إذ الكلام غير مسموع بل المسموع صوت يدل عليه
الثاني كيف قال انفَضُّواْ إِلَيْهَا وقد ذكر شيئين وقد مر الكلام فيه وقال صاحب ( الكشاف ) تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها أو لهواً انفضوا إليه فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه
الثالث أن قوله تعالى وَاللَّهُ خَيْرُ الرزِقِينَ مناسب للتجارة التي مر ذكرها لا للهو نقول بل هو مناسب للمجموع لماأن اللهو الذي مر ذكره كالتبع للتجارة لما أنهم أظهروا ذلك فرحاً بوجود التجارة كما مر والله أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين


الصفحة التالية
Icon