النوع السابع قوله تعالى
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً
اللمس المس فاستعير للطلب لأن الماس طالب متعرف يقال لمسه والتمسه ومثله الجس يقال جسوه بأعينهم وتجسسوه والمعنى طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام أهلها والحرس اسم مفرد في معنى الحراس كالخدم في معنى الخدام ولذلك وصف بشديد ولو ذهب إلى معناه لقيل شداداً
النوع الثامن قوله تعالى
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الاٌّ نَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً
أي كنا نستمع فالآن متى حاولنا الاستماع رمينا بالشهب وفي قوله شِهَاباً رَّصَداً وجوه أحدها قال مقاتل يعني رمياً من الشهب ورصداً من الملائكة وعلى هذا يجب أن يكون التقدير شهاباً ورصداً لأن الرصد غير الشهاب وهو جمع راصد وثانيها قال الفراء أي شهاباً قد أرصد له ليرجم به وعلى هذا الرصد نعت للشهاب وهو فعل بمعنى مفعول وثالثها يجوز أن يكون رصداً أي راصداً وذلك لأن الشهاب لما كان معداً له فكأن الشهاب راصد له ومترصد له واعلم أنا قد استقصينا في هذه المسألة في تفسير قوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشَّيَاطِينِ ( الملك ٥ ) فإن قيل هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث ويدل عليه أمور أحدها أن جميع الفلاسفة المتقدمين تكلموا في أسباب انقضاض هذه الشهب وذلك يدل على أنها كانت موجودة قبل المبعث وثانيها قوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لّلشَّيَاطِينِ ذكر في خلق الكواكب فائدتين التزيين ورجم الشياطين وثالثها أن وصف هذا الانقضاض جاء في شعر أهل الجاهلية قال أوس بن حجر فانقض كالدريّ يتبعه
نقع يثور تخاله طنبا
وقال عوف بن الخرع يرد علينا العير من دون إلفه
أو الثور كالدرى يتبعه الدم
وروى الزهري عن علي بن الحسين عن ابن عباس رضي الله عنهما ( بينا رسول الله ( ﷺ ) جالس في نفر من الأنصار إذ رمي بنجم فاستنار فقال ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية فقالوا كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم ) الحديث إلى آخره ذكرناه في تفسير قوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ قالوا فثبت بهذه الوجوه أن هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث فما معنى تخصيصها بمحمد عيه الصلاة والسلام والجواب مبني على مقامين
المقام الأول أن هذه الشهب ما كانت موجودة قبل المبعث وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما وأبي بن كعب روي عن ابن عباس قال كان الجن يصعدون إلى السماء فيستمعون الوحي فإذا سمعوا


الصفحة التالية
Icon