لدى أسد شاكي السلاح مقذف
له لبد أظفاره لم تقلم
وقرىء لِبَداً بضم اللام واللبدة في معنى اللبدة وقرىء لِبَداً جمع لابد كسُجِّد وساجد وقرىء أيضاً لِبَداً بضم اللام والباء جمع لبود كصبر جمع صبور فإن قيل لم سمي محمداً بعبدالله وما ذكره برسول الله أو نبي الله قلنا لأنه إن كان هذا الكلام من جملة الموحى فاللائق بتواضع الرسول أن يذكر نفسه بالعبودية وإن كان من كلام الجن كان المعنى أن عبدالله لما اشتغل بعبودية الله فهؤلاء الكفار لم اجتمعوا ولم حاولوا منعه منه مع أن ذلك هو الموافق لقانون العقل
قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو رَبِّى وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً
قرأ العامة قال على الغيبة وقرأ عاصم وحمزة قُلْ حتى يكون نظيراً لما بعده وهو قوله قُلْ إِنّى لاَ أَمْلِكُ ( الجن ٢١ ) قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى ( الجن ٢٢ ) قال مقاتل إن كفار مكة قالوا للنبي ( ﷺ ) ( إنك جئت بأمر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا ) فأنزل الله قُلْ إِنَّمَا ادْعُواْ رَبّى وهذا حجة لعاصم وحمزة ومن قرأ قَالَ حمل ذلك على أن القوم لما قالوا ذلك أجابهم النبي ( ﷺ ) بقوله إِنَّمَا أَدْعُو رَبّى فحكى الله ذلك عنه بقوله قَالَ أو يكون ذاك من بقية حكاية الجن أحوال الرسول لقومهم
قُلْ إِنِّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً
إما أن يفسر الرشد بالنفع حتى يكون تقدير الكلام لا أملك لكم غياً ولا رشداً ويدل عليه قراءة أبي ( غياً ولا رشداً ) ومعنى الكلام أن النافع والضار والمرشد والمغوي هو الله وإن أحداً من الخلق لا قدرة له عليه
قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
قوله تعالى قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدًا قال مقاتل إنهم قالوا اترك ما تدعوا إليه ونحن نجيرك فقال الله له قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ
ثم قال تعالى وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً أي ملجأ وحرزاً قال المبرد مُلْتَحَدًا مثل قولك منعرجاً والتحد معناه في اللغة مال فالملتحد المدخل من الأرض مثل السرب الذاهب في الأرض
إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً
قوله تعالى إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ذكروا في هذا الاستثناء وجوهاً أحدها أنه استثناء من قوله لا أَمْلِكُ ( الجن ٢١ ) أي لا أملك لكم ضراً ولا رشداً إلا بلاغاً من الله وقوله قُلْ إِنّى لَن يُجِيرَنِى ( الجن ٢٢ ) جملة معترضة وقعت في البين لتأكيد نفي الاستطاعة عنه وبيان عجزه على معنى أنه تعالى إن أراد به سوءاً لم يقدر أحد أن يجيره منه وهذا قول الفراء وثانيها وهو قول الزجاج أنه نصب على البدل من قوله مُلْتَحَدًا ( الجن ٢٢ ) والمعنى ولن أجد من دونه ملجأ إلا بلاغاً أي لا ينجيني إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به وأقول هذا الاستثناء منقطع لأنه تعالى لما لم يقل ولن أجد ملتحداً بل قال وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً


الصفحة التالية
Icon