فرت من قسورة قال أفرت قلت نعم قال فمستنفرة إذا
ثم قال تعالى فَرَّتْ يعني الحمر مِن قَسْوَرَة ٍ
وذكروا في القسورة وجوهاً أحدها أنها الأسد يقال ليوث قساور وهي فعولة من القسر وهو القهر والغلبة سمي بذلك لأنه يقهر السباع قال ابن عباس الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت كذلك هؤلاء المشركين إذا رأوا محمداً ( ﷺ ) هربوا منه كما يهرب الحمار من الأسد ثم قال ابن عباس القسورة هي الأسد بلسان الحبشة وخالف عكرمة فقال الأسد بلسان الحبشة عنبسة وثانيها القسورة جماعة الرماة الذين يتصيدونها قال الأزهري هو اسم جمع للرماة لا واحد له من جنسه وثالثها القسورة ركز الناس وأصواتهم ورابعها أنها ظلمة الليل قال صاحب ( الكشاف ) وفي تشبيههم بالحمر شهادة عليهم بالبله ولا ترى مثل نفار حمير الوحش وإطرادها في العدو إذا خافت من شيء
ثم قال تعالى
بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِى ءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَة ً
أنهم قالوا لرسول الله ( ﷺ ) لا نؤمن بك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان بن فلان ونؤمر فيه باتباعك ونظيره لَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ حَتَّى تُنَزّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَءهُ ( الأسراء ٩٣ ) وقال وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وقيل إن كان محمد صادقاً فليصبح عند رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءة من النار وقيل كانوا يقولون بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح مكتوباً على رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك وهذا من الصحف المنشرة بمعزل إلا أن يراد بالصحف المنشرة الكتابات الظاهرة المكشوفة وقرأ سعيد بن جبير صُحُفاً مُّنَشَّرَة ً بتخفيفهما على أن أنشر الصحف ونشرها واحد كأنزله ونزله
ثم قال تعالى
كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الاٌّ خِرَة َ
كَلاَّ وهو ردع لهم عن تلك الإرادة وزجر عن اقتراح الآيات
ثم قال تعالى بَل لاَّ يَخَافُونَ الاْخِرَة َ فلذلك أعرضوا عن التأمل فإنه لما حصلت المعجزات الكثيرة كفت في الدلالة على صحة النبوة فطلب الزيادة يكون من باب التعنت
ثم قال تعالى
كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَة ٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ
ثم قال تعالى كَلاَّ وهو ردع لهم عن إعراضهم عن التذكرة
ثم قال تعالى إِنَّهُ تَذْكِرَة ٌ يعني تذكرة بليغة كافية فَمَن شَاء ذَكَرَهُ أي جعله نصب عينه فإن نفع ذلك راجع إليه والضمير في أَنَّهُ وذكره للتذكرة في قوله الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَة ِ مُعْرِضِينَ ( المدثر ٤٩ ) وإنما ذكر ( ت ) لأنها في معنى الذكر أو القرآن
ثم قال تعالى
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة ِ
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ
قالت المعتزلة يعني إلا أن يقسرهم على الذكر ويلجئهم إليه والجواب أنه تعالى نفى الذكر


الصفحة التالية
Icon