أثناء قراءته مشكلاته ومعانيه لغاية حرصه على العلم فنهى النبي عليه السلام عن الأمرين جميعاً أما عن القراءة مع قراءة جبريل فبقوله فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ ( القيامة ١٨ ) وأما عن إلقاء الأسئلة في البيان فبقوله ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
المسألة الثانية احتج من جوز تأخير البيان عن وقت الخطاب بهذه الآية وأجاب أبو الحسين عنه من وجهين الأول أن ظاهر الآية يقتضي وجوب تأخير البيان عن وقت الخطاب وأنتم لا تقولون به الثاني أن عندنا الواجب أن يقرن باللفظ إشعاراً بأنه ليس المراد من اللفظ ما يقتضيه ظاهره فأما البيان التفصيلي فيجوز تأخيره فتحمل الآية على تأخير البيان التفصيلي وذكر القفال وجهاً ثالثاً وهو أن قوله ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ أي ثم إنا نخبرك بأن علينا بيانه ونظيره قوله تعالى فَكُّ رَقَبَة ٍ إلى قوله ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ ( البلد ١٣ ١٧ ) والجواب عن الأول أن اللفظ لا يقتضي وجوب تأخير البيان بل يقتضي تأخير وجوب البيان وعندنا الأمر كذلك لأن وجوب البيان لا يتحقق إلا عند الحاجة وعن الثاني أن كلمة ثم دخلت مطلق البيان فيتناول البيان المجمل والمفصل وأما سؤال القفال فضعيف أيضاً لأنه ترك للظاهر من غير دليل
المسألة الثالثة قوله تعالى ثُمَّ أَنَابَ عَلَيْنَا بَيَانَهُ يدل على أن بيان المجمل واجب على الله تعالى أما عندنا فبالوعد والتفضل وأما عند المعتزلة فبالحكمة
كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَة َ وَتَذَرُونَ الاٌّ خِرَة َ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى قال صاحب ( الكشاف ) كَلاَّ ردع لرسول الله ( ﷺ ) عن عادة العجلة وحث على الأناة والتؤدة وقد بالغ في ذلك باتباعه قوله بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَة َ كأنه قال بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة وتذرون الأخرة وقال سائر المفسرين كَلاَّ معناه حقاً أي حقاً تحبون العاجلة وتذرون الآخرة والمعنى أنهم يحبون الدنيا ويعملون لها ويتركون الآخرة ويعرضون عنها
المسألة الثانية قرىء تحبون وتذرون بالتاء والياء وفيه وجهان الأول قال الفراء القرآن إذا نزل تعريفاً لحال قوم فتارة ينزل على سبيل المخاطبة لهم وتارة ينزل على سبيل المغايبة كقوله تعالى حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم ( يونس ٢٢ ) الثاني قال أبو علي الفارسي الياء على ما تقدم من ذكر الإنسان في قوله أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ ( القيامة ٣ ) والمراد منه الكثرة كقوله إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ( المعارج ١٩ ) والمعنى أنهم يحبون ويذرون والتاء على قل لهم بل تحبون وتذرون
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَة ٌ
قال الليث نضر اللون والشجر والورق ينضر نضرة والنضرة النعمة والناضر الناعم والنضر الحسن من كل شيء ومنه يقال للون إذا كان مشرقاً ناضر فيقال أخضر ناضر وكذلك في جميع الألوان ومعناه الذي يكون له برق وكذلك يقال شجر ناضر وروض ناضر ومنه قوله عليه السلام ( نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ) الحديث أكثر الرواة رواه بالتخفيف وروى عكرمة عن الأصمعي فيه التشديد وألفاظ المفسرين مختلفة في تفسير الناضر ومعناها واحد قالوا


الصفحة التالية
Icon