بالألف فلمن نون وصرف وجهان أحدهما أن الأخفش قال قد سمعنا من العرب صرف جميع مالا ينصرف قال وهذا لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه فجرت ألسنتهم على ذلك الثاني أن هذه الجموع أشبهت الآحاد لأنهم قالوا صواحبات يوسف فلما جمعوه جمع الآحاد المنصرفة جعلوها في حكمها فصرفوها وأما من ترك الصرف فإنه جعله كقوله لَّهُدّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَسَاجِدُ ( الحج ٤٠ ) وأما إلحاق الألف في الوقف فهو كإلحاقها في قوله الظُّنُونَاْ فيشبه ذلك بالإطلاق في القوافي
ثم إنه تعالى ذكر ما أعد للشاكرين الموحدين فقال وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً إِنَّ الاْبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً الأبرار جمع بر كالأرباب جمع رب والقول في حقيقة البر قد تقدم في تفسير قوله تعالى وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءامَنَ بِاللَّهِ ( البقرة ١٧٧ ) ثم ذكر من أنواع نعيمهم صفة مشروبهم فقال يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ يعني من إناء فيه الشراب ولهذا قال ابن عباس ومقاتل يريد الخمر وفي الآية سؤالان
السؤال الأول أن مزج الكافور بالمشروب لا يكون لذيذاً فما السبب في ذكره ههنا الجواب من وجوه أحدها أن الكافور اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده ولكن لا يكون فيه طعمه ولا مضرته فالمعنى أن ذلك الشراب يكون ممزوجاً بماء هذه العين وثانيها أن رائحة الكافور عرض فلا يكون إلا في جسم فإذا خلق الله تلك الرائحة في جرم ذلك الشراب سمي ذلك الجسم كافوراً وإن كان طعمه طيباً وثالثها أي بأس في أن يخلق الله تعالى الكافور في الجنة لكن من طعم طيب لذيذ ويسلب عنه ما فيه من المضرة ثم إنه تعالى يمزجه بذلك المشروب كما أنه تعالى سلب عن جميع المأكولات والمشروبات ما معها في الدنيا من المضار
السؤال الثاني ما فائدة كان في قوله كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً الجواب منهم من قال إنها زائدة والتقدير من كأس مزاجها كافوراً وقيل بل المعنى كان مزاجها في علم الله وحكمه كافورا
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
المسألة الأولى إن قلنا الكافور اسم النهر كان عيناً بدلاً منه وإن شئت نصبت على المدح والتقدير أعني عيناً أما إن قلنا إن الكافور اسم لهذا الشيء المسمى بالكافور كان عيناً بدلاً من محل من كأس على تقدير حذف مضاف كأنه قيل يشربون خمراً خمر عين ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه
المسألة الثانية قال في الآية الأولى يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ( الإنسان ٥ ) وقال ههنا يشرب بها فذكر هناك من وههنا الباء والفرق أن الكأس مبدأ شربهم وأول غايته وأما العين فبها يمزجون شرابهم فكأن المعنى يشرب عباد الله بها الخمر كما تقول شربت الماء بالعسل


الصفحة التالية
Icon