ادعاء العلم ومنه قوله ( ﷺ ) ( زعموا مطية الكذب ) وعن شريح لكل شيء كنية وكنية الكذب زعموا ويتعدى إلى مفعولين تعدى العلم قال الشاعر ولم أزعمك عن ذلك معزولا
والذين كفروا هم أهل مكة بَلَى إثبات لما بعد أن وهو البعث وقيل قوله تعالى قُلْ بَلَى وَرَبّى يحتمل أن يكون تعليماً للرسول ( ﷺ ) أي يعلمه القسم تأكيداً لما كان يخبر عن البعث وكذلك جميع القسم في القرآن وقوله تعالى وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ أي لا يصرفه صارف وقيل إن أمر البعث على الله يسير لأنهم أنكروا البعث بعد أن صاروا تراباً فأخبر أن إعادتهم أهون في العقول من إنشائهم وفي الآية مباحث
الأول قوله فَكَفَرُواْ يتضمن قوله وَتَوَلَّواْ فما الحاجة إلى ذكره نقول إنهم كفروا وقالوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا وهذا في معنى الإنكار والإعراض بالكلية وذلك هو التولي فكأنهم كفروا وقالوا قولاً يدل على التولي ولهذا قال فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ
الثاني قوله وَتَوَلَّواْ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ يوهم وجود التولي والاستغناء معاً والله تعالى لم يزل غنياً قال في ( الكشاف ) معناه أنه ظهر استغناء الله حيث لم يلجئهم إلى الإيمان ولم يضطرهم إليه مع قدرته على ذلك
الثالث كيف يفيد القسم في إخباره عن البعث وهم قد أنكروا رسالته نقول إنهم وإن أنكروا الرسالة لكنهم يعتقدون أنه يعتقد ربه اعتقاداً لا مزيد عليه فيعلمون أنه لا يقدم على القسم بربه إلا وأن يكون صدق هذا الإخبار أظهر من الشمس عنده وفي اعتقاده والفائدة في الإخبار مع القسم ليس إلا هذا ثم إنه أكد الخبر باللام والنون فكأنه قسم بعد قسم
ولما بالغ في الإخبار عن البعث والاعتراف بالبعث من لوازم الإيمان قال
فَأامِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِأايَاتِنَآ أُوْلَائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
قوله فَئَامِنُواْ يجوز أن يكون صلة لما تقدم لأنه تعالى لما ذكر ما نزل من العقوبة بالأمم الماضية وذلك لكفرهم بالله وتكذيب الرسل قال فَئَامِنُواْ أنتم بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لئلا ينزل بكم ما نزل بهم من العقوبة وَالنّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا وهو القرآن فإنه يهتدى به في الشبهات كما يهتدى بالنور في الظلمات وإنما ذكر النور الذي هو القرآن لما أنه مشتمل على الدلالات الظاهرة على البعث ثم ذكر في ( الكشاف ) أنه عنى برسوله


الصفحة التالية
Icon