الواحد ولا تعتمد عليه بسبب أنه قد يقع الغلط في النظرة الواحدة ولكن ارجع البصر واردد النظرة مرة أخرى حتى تتيقن أنه ليس في خلق الرحمن من تفاوت ألبتة والفطور جمع فطر وهو الشق يقال فطره فانفطر ومنه فطر ناب البعير كما يقال شق ومعناه شق اللحم فطلع قال المفسرون هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ أي من فروج وصدوع وشقوق وفتوق وخروق كل هذا ألفاظهم
ثم قال تعالى
ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
أمر بتكرير البصر في خلق الرحمن على سبيل التصفح والتتبع هل يجد فيه عيباً وخللاً يعني أنك إذا كررت نظرك لم يرجع إليك بصرك بما طلبته من وجدان الخلل والعيب بل يرجع إليك خاسئاً أي مبعداً من قولك خسأت الكلب إذا باعدته قال المبرد الخاسيء المبعد المصغر وقال ابن عباس الخاسيء الذي لم ير ما يهوى وأما الحسير فقال ابن عباس هو الكليل قال الليث الحسر والحسور الإعياء وذكر الواحدي ههنا احتمالين أحدهما أن يكون الحسير مفعولاً من حسر العين بعد المرئي قال رؤبة يحسر طرف عيناه فضا
الثاني قول الفراء أن يكون فاعلاً من الحسور الذي هو الإعياء والمعنى أنه وإن كرر النظر وأعاده فإنه لا يجد عيباً ولا فطوراً بل البصر يرجع خاسئاً من الكلال والإعياء وههنا سؤالان
السؤال الأول كيف ينقلب البصر خاسئاً حسيراً برجعه كرتين اثنتين الجواب التثنية للتكرار بكثرة كقولهم لبيك وسعديك يريد إجابات متوالية
السؤال الثاني فما معنى ثُمَّ اْرجِعِ الجواب أمره برجع البصر ثم أمره بأن لا يقنع بالرجعة الأولى بل أن يتوقف بعدها ويجم بصره ثم يعيده ويعاوده إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة فإنه لا يعثر على شيء من فطور
وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ
اعلم أن هذا هو الدليل الثاني على كونه تعالى قادراً عالماً وذلك لأن هذه الكواكب نظراً إلى أنها محدثة ومختصة بمقدار خاص وموضع معين وسير معين تدل على أن صانعها قادر ونظراً إلى كونها محكمة متقنة موافقة لمصالح العباد من كونها زينة لأهل الدنيا وسبباً لانتفاعهم بها تدل على أن صانعها عالم ونظير هذه الآية في سورة الصفات إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَة ٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ ( الصافات ٧ ) وههنا مسائل


الصفحة التالية
Icon