نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
والفراء طعن في هذا الجواب وقال إذا أمكن فيه بيان المعنى الصحيح من دون طرح الباء كان ذلك أولى وأما البيت فمعناه نرجو كشف ما نحن فيه بالفرج أو نرجو النصر بالفرج وثانيها وهو اختيار الفراء والمبرد أن المفتون ههنا بمعنى الفتون وهو الجنون والمصادر تجيء على المفعول نحو المعقود والميسور بمعنى العقد واليسر يقال ليس له معقود رأي أي عقد رأى وهذا قول الحسن والضحاك ورواية عطية عن ابن عباس وثالثها أن الباء بمعنى في ومعنى الآية فستبصر ويبصرون في أي الفريقين المجنون أفي فرقة الإسلام أم في فرقة الكفار ورابعها المفتون هو الشيطان إذ لا شك أنه مفتون في دينه وهم لما قالوا إنه مجنون فقد قالوا إن به شيطاناً فقال تعالى سيعلمون غداً بأيهم شيطان الذي يحصل من مسه الجنون واختلاط العقل ثم قال تعالى
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
وفيه وجهان الأول هو أن يكون المعنى إن ربك هو أعلم بالمجانين على الحقيقة وهم الذي ضلوا عن سبيله وهو أعلم بالعقلاء وهم المهتدون الثاني أن يكون المعنى إنهم رموك بالجنون ووصفوا أنفسهم بالعقل وهم كذبوا في ذلك ولكنهم موصوفون بالضلال وأنت موصوف بالهداية والامتياز الحاصل بالهداية والضلال أولى بالرعاية من الامتياز الحاصل بسبب العقل والجنون لأن ذاك ثمرته السعادة الأبدية ( أ ) و الشقاوة وهذا ثمرته السعادة ( أ ) و الشقاوة في الدنيا
فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ
اعلم أنه تعالى لما ذكر ما عليه الكفار في أمر الرسول ونسبته إلى الجنون مع الذي أنعم الله به عليه من الكمال في أمر الدين والخلق أتبعه بما يدعوه إلى التشدد مع قومه وقوى قلبه بذلك مع قلة العدد وكثرة الكفار فإن هذه السورة من أوائل ما نزل فقال فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذّبِينَ يعني رؤساء أهل مكة وذلك أنهم دعوه إلى دين آبائه فنهاه الله أن يطيعهم وهذا من الله إلهاب وتهييج التشدد في مخالفتهم ثم قال
وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى قال الليث الإدهان اللين والمصانعة والمقاربة في الكلام قال المبرد داهن الرجل في دينه وداهن في أمره إذا خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر والمعنى تترك بعض ما أنت عليه مما لا يرضونه مصانعة لهم فيفعلوا مثل ذلك ويتركوا بعض مالا ترضى فتلين لهم ويلينون لك وروى عطاء عن ابن عباس لو تكفر فيكفرون
المسألة الثانية إنما رفع فَيُدْهِنُونَ ولم ينصب بإضمار أن وهو جواب التمني لأنه قد عدل به إلى


الصفحة التالية
Icon