على ذم الخلق فقال ابن عباس في رواية عطاء يريد قوي ضخم وقال مقاتل واسع البطن وثيق الخلق وقال الحسن الفاحش الخلق اللئيم النفس وقال عبيدة بن عمير هو الأكول الشروب القوي الشديد وقال الزجاج هو الغليظ الجافي أما الذين حملوه على ذم الأخلاق فقالوا إنه الشديد الخصومة الفظ العنيف
الصفة التاسعة قوله زَنِيمٍ وفيه مسألتان
المسألة الأولى في الزنيم أقوال الأول قال الفراء الزنيم هو الدعي الملصق بالقوم وليس منهم قال حسان وأنت زنيم نيط في آل هاشم
كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
والزنمة من كل شيء الزيادة وزنمت الشاة أيضاً إذا شقت أذنها فاسترخت ويبست وبقيت كالشيء المعلق فالحاصل أن الزنيم هو ولد الزنا الملحق بالقوم في النسب وليس منهم وكان الوليد دعياً في قريش وليس من سنخهم ادعاه بعد ثمان عشرة ( ليلة ) من مولده وقيل بغت أمه ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية والقول الثاني قال الشعبي هو الرجل يعرف بالشر واللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها والقول الثالث روى عن عكرمة عن ابن عباس قال معنى كونه زنيماً أنه كانت له زنمة في عنقه يعرف بها وقال مقاتل كان في أصل أذنه مثل زنمة الشاة
المسألة الثانية قول بَعْدَ ذَلِكَ معناه أنه بعدما عدَّ له من المثالب والنقائص فهو عتل زنيم وهذا يدل على أن هذين الوصفين وهو كونه عتلاً زنيماً أشد معايبه لأنه إذا كان جافياً غليظ الطبع قسا قلبه واجترأ على كل معصية ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الولد ولهذا قال عليه الصلاة السلام ( لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده ) وقيل ههنا بَعْدَ ذَلِكَ نظير ثُمَّ في قوله ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ ( البلد ١٧ ) وقرأ الحسن ( عتل ) رفعاً على الذم
ثم إنه تعالى بعد تعديد هذه الصفات قال
أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الاٌّ وَّلِينَ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى اعلم أن قوله إِن كَانَ يجوز أن يكون متعلقاً بما قبله وأن يكون متعلقاً بما بعده أما الأول فتقديره ولا تطع كل حلاف مهين أن كان ذا مال وبنين أي لا تطعه مع هذه المثالب ليساره وأولاده وكثرته وأما الثاني فتقديره لأجل أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين والمعنى لأجل أن كان ذا مال وبنين جعل مجازاة هذه النعم التي خولها الله له الكفر بآياته قال أبو علي الفاسي العامل في قوله إِن كَانَ إما أن يكون هو قوله تُتْلَى أو قوله قَالَ أو شيئاً ثالثاً والأول باطل لأن تُتْلَى قد أضيفت إِذَا إليه والمضاف إليه لا يعمل فيما قبله ألا ترى أنك لا تقول القتال زيداً حين يأتى تريد حين يأتي زيداً ولا يجوز أن يعمل فيه أيضاً قَالَ لأن قَالَ جواب إِذَا وحكم الجواب أن يكون بعدما هو جواب له ولا يتقدم عليه ولما بطل هذان القسمان علمنا أن العامل فيه شيء ثالث دل ما في الكلام عليه وذلك هو يجحد أو يكفر أو يمسك عن قبول الحق أو نحو ذلك وإنما جاز أن يعمل المعنى فيه وإن كان متقدماً عليه لشبهه بالظرف والظرف قد تعمل فيه المعاني وإن تقدم عليها ويدلك على مشابهته للظرف تقدير اللام معه فإن


الصفحة التالية
Icon