ثم قال تعالى
أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَة ٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة ِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى يقال لفلان على يمين بكذا إذا ضمنته منه وخلقت له على الوقاء به يعني أم ضمنا منكم وأقسمنا لكم بأيمان مغلظة متناهية في التوكيد فإن قيل إلى في قوله إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة ِ بم يتعلق قلنا فيه وجهان الأول أنها متعلقة بقوله بَالِغَة ٌ أي هذه الأيمان في قوتها وكمالها بحيث تبلغ إلى يوم القيامة والثاني أن يكون التقدير أيمان ثابتة إلى يوم القيامة ويكون معنى بالغة مؤكدة كما تقول جيدة بالغة وكل شيء متناه في الصحة والجودة فهو بالغ وأما قوله إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ فهو جواب القسم لأن معنى أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا أم أقسمنا لكم
المسألة الثانية قرأ الحسن بالغة بالنصب وهو نصب على الحال من الضمير في الظرف ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام
سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَالِكَ زَعِيمٌ
والمعنى أيهم بذلك الحكم زعيم أي قائم به وبالاستدلال على سحته كما يقوم زعيم القوم بإصلاح أمورهم ثم قال
أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ
وفي تفسيره وجهان الأول المعنى أم لهم أشياء يعتقدون أنها شركاء الله فيعتقدون أن أولئك الشركاء يجعلونهم في الآخرة مثل المؤمنين في الثواب والخلاص من العقاب وإنماأضاف الشركاء إليهم لأنهم جعلوها شركاء لله وهذا كقوله هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَى ْء ( الروم ٤٠ ) الوجه الثاني في المعنى أم لهم ناس يشاركونهم في هذا المذهب وهو التسوية بين المسلمين والمجرمين فليأتوا بهم إن كانوا صادقين في دعواهم والمراد بيان أنه كما ليس لهم دليل عقلي في إثبات هذا المذهب ولا دليل نقلي وهو كتاب يدرسونه فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول وذلك يدل على أنه باطل من كل الوجوه
واعلم أنه تعالى لما أبطل قولهم وأفسد مقالتهم شرح بعد ذلك عظمة يوم القيامة
يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَة ً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّة ٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ
فقال يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وفيه مسائل
المسألة الأولى يوم منصوب بماذا فيه ثلاثة أوجه أحدها أنه منصوب بقوله فَلْيَأْتُواْ في قوله فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَائِهِمْ ( القلم ٤١ ) وذلك أن ذلك اليوم يوم شديد فكأنه تعالى قال إن كانوا صادقين في أنها شركاء فليأتوا بها يوم القيامة لتنفعهم ونشفع لهم وثانيها أنه منصوب بإضمار اذكر وثالثها أن يكون التقدير يوم يكشف عن ساق كان كيت وكيت فحذف للتهويل البليغ وأن ثم من الكوائن مالا يوصف لعظمته
المسألة الثانية هذا اليوم الذي يكشف فيه عن ساق أهو يوم القيامة أو في الدنيا فيه قولان الأول وهو الذي عليه الجمهور أنه يوم القيامة ثم في تفسير الساق وجوه الأول أنه الشدة وروي أنه سئل ابن


الصفحة التالية
Icon