جذوع من نار وبعضهم أشد نتنا من الجيف وبعضهم ملبسون جبالا سابغة من قطران لازقة بجلودهم فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت وأما المنكسون على وجوههم فأكلة الربا وأما العمي فالذين يجورون في الحكم وأما الصم والبكم فالمعجبون بأعمالهم وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين يخالف قولهم أعمالهم وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران وأما المصلبون على جذوع من النار فالسعاة بالناس إلى السلطان وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ومنعوا حق الله تعالى من أموالهم وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء
وثالثها قوله تعالى وفتحت السماء فكانت أبوابا
قرأ عاصم وحمزة والكسائي فتحت خفيفة والباقون بالتثقيل والمعنى كثرت أبوابها المنفتحة لنزول الملائكة قال القاضي وهذا الفتح هو المعنى قوله إذا السماء انشقت الانشقاق ١ وإذا السماء انفطرت الأنفطار ١ إذ الفتح والتشقق والتفطر تتقارب وأقول هذا ليس بقوي لأن المفهوم من فتح الباب غير المفهوم من التشقق والتفطر فربما كانت السماء أبوابا ثم تفتح تلك الأبواب مع أنه لا يحصل في جرم السماء تشقق ولا تفطر بل الدلائل السمعية دلت على أن عند حصول فتح هذه الأبواب يحصل التشقق والتفطر والفناء بالكلية فإن قيل قوله وفتحت السماء فكانت أبوابا يفيد أن السماء بكليتها تصير ابوابا فكيف يعقلق ذلك قلنا فيه وجوه أحدها أن تلك الأبواب لما كثرت جدا صارت كأنها ليست إلا أبوابا منفتحة كقوله وفجرنا الأرض عيونا القمر ١٢ أي كأن كلها صارت عيونا تتفجر وثانيها قال الواحدي هذا من باب تقدير حذف المضاف والتقدير فكانت ذات أبواب وثالثها أن الضمير في قوله فكنت أبوابا عائد إلى مضمر والتقدير فكانت تلك المواضع المفتوحة أبوابا لنزول الملائكة كما قال تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا الفجر ٢٢
ورابعها قوله تعالى وسيرت الجبال فكانت سرابا
اعلم أن الله تعالى ذكر في مواضع من كتابه أحوال هذه الجبال على وجوه مختلفة ويمكن الجمع بينها على الوجه الذي نقوله وهو أن أول أحوالها الاندكاك وهو قوله وحملت الأرض والجبال فدكتاب دكة واحدة الحاقة ١٤
والحالة الثانية لها أن تصير كالعهن المنفوش القارعة ٥ وذكر الله تعالى ذلك في قوله يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش القارعة ٥ وقوله يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن المعارج ٩
الحالة الثالثة أن تصير كالهباء وذلك أن تتقطع وتتبدد بعد أن كانت كالعهن وهو قوله إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء مبثا لاواقعة ٤


الصفحة التالية
Icon