ما عداه من عذاب الفسق دونه ولهذا قال تعالى وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ الْعَذَابِ الاْدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاْكْبَرِ ( السجدة ٢١ ) وثانيها هو العذاب في الدرك الأسفل في النار وثالثها أنه قد يكون العذاب الأكبر حاصلاً في الدنيا وذلك بالقتل وسبي الذرية وغنيمة الأموال القول الأول أولى وأقرب ثم قال تعالى
إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ
وهذا كأنه من صلة قوله فَيْعَذّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الاْكْبَرَ ( الغاشية ٢٤ ) وإنما ذكر تعالى ذلك ليزيل به عن قلب النبي ( ﷺ ) حزنه على كفرهم فقال طب نفساً عليهم وإن عاندوا وكذبوا وجحدوا فإن مرجعهم إلى الموعد الذي وعدنا فإن علينا حسابهم وفيه سؤال وهو أن محاسبة الكفار إنما تكون لإيصال العقاب إليهم وذلك حق الله تعالى ولا يجب على المالك أن يستوفي حق نفسه والجواب أن ذلك واجب عليه إما بحكم الوعد الذي يمتنع وقوع الخلف فيه وإما في الحكمة فإنه لو لم ينتقم للمظلوم من الظالم لكان ذلك شبيهاً بكونه تعالى راضياً بذلك الظلم وتعالى الله عنه فلهذا السبب كانت المحاسبة واجبة وههنا مسألتان
المسألة الأولى قرأ أبو جعفر المدني إِيَابَهُمْ بالتشديد قال صاحب ( الكشاف ) وجهه أن يكون فيعالا مصدره أيب فيعل من الإياب أو يكون أصله أواباً فعالاً من أوب ثم قيل إيواباً كديوان في دون ثم فعل به ما فعل بأصل سيد
المسألة الثانية فائدة تقديم الظرف التشديد بالوعيد فإن إِيَابَهُمْ ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


الصفحة التالية
Icon