المسألة الأولى في تفسيره وجوه أحدها أي والقادر العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد وقيل هما آدم وحواء وثانيها أي وخلقه الذكر والأنثى وثالثها ما بمعنى من أي ومن خلق الذكر والأنثى أي والذي خلق الذكر والأنثى
المسألة الثانية قرأ النبي ( ﷺ ) وَالذّكْرِ وَالاْنثَى وقرأ ابن مسعود ( والذي خلق الذكر والأنثى ) وعن الكسائي وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالاْنثَى بالجر ووجهه أن يكون معنى وَمَا خَلَقَ أي وما خلقه الله تعالى أي مخلوق الله ثم يجعل الذكر والأنثى بدلاً منه أي ومخلوق الله الذكر والأنثى وجاز إضهار اسم الله لأنه معلوم أنه لا خالق إلا هو
المسألة الثالثة القسم بالذكر والأنثى يتناول القسم بجميع ذوي الأرواح الذين هم أشرف المخلوقات لأن كل حيوان فهو إما ذكر أو أنثى والخنثى فهو في نفسه لا بد وأن يكون إما ذكراً أو أنثى بدليل أنه لو حلف بالطلاق أنه لم يلق في هذا اليوم لا ذكراً ولا أنثى وكان قد لقى خنثى فإنه يخنث في يمينه
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى
هذا الجواب القسم فأقسم تعالى بهذه الأشياء أن أعمال عباده لشتى أي مختلفة في الجزاء وشتى جمع شتيت مثل مرضى ومريض وإنما قيل للمختلف شتى لتباعد ما بين بعضه وبعضه والشتات هو التباعد والافتراق فكأنه قيل إن عملكم لمتباعد بعضه من بعض لأن بعضه ضلال وبعضه هدى وبعضه يوجب الجنان وبعضه يوجب النيران فشتان ما بينهما ويقرب من هذه الآية قوله لاَ يَسْتَوِى أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة ِ ( الحشر ٢٠ ) وقوله أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ ( السجدة ١٨ ) وقوله سَاء مَا يَحْكُمُونَ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضَ بِالْحَقّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَفَرَأَيْتَ مَنِ ( الجاثية ٢١ ) وقال وَلاَ الظّلُّ ( فاطر ٢١ ) قال المفسرون نزلت هذه الآية في أبي بكر وأبي سفيان
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى
ثم إنه سبحانه بين معنى اختلاف الأعمال فيما قلناه من العاقبة المحمودة والمذمومة والثواب والعقاب فقال لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَى
وفي قوله أعطى وجهان أحدهما أن يكون المراد إنفاق المال في جميع وجوه الخير من عتق الرقاب وفك الأسارى وتقوية المسلمين على عدوهم كما كان يفعله أبو بكر سواء كان ذلك واجباً أو نفلاً وإطلاق هذا كالإطلاق في قوله وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ( الأنفال ٣ ) فإن المراد منه كل ذلك إنفاقاً في سبيل الله سواء كان واجباً أو نفلاً وقد مدح الله قوماً فقال وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ( الإنسان ٨ ) وقال في آخر هذه السورة وَسَيُجَنَّبُهَا الاْتْقَى الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لاِحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَة ٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِ الاْعْلَى