( الإنسان ١٠ ٩ ) والآية الواردة في حق أبي بكر إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِ الاْعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى فدلت الآيتان على أن كل واحد منهما إنما فعل ما فعل لوجه الله إلا أن آية علي تدل على أنه فعل ما فعل لوجه الله وللخوف من يوم القيامة على ما قال إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً وأما آية أبي بكر فإنها دلت على أنه فعل ما فعل لمحض وجه الله من غير أن يشوبه طمع فيما يرجع إلى رغبة في ثواب أو رهبة من عقاب فكان مقام أبي بكر أعلى وأجل
المسألة الخامسة من الناس من قال ابتغاء الله بمعنى ابتغاء ذاته وهي محال فلا بد وأن يكون المراد ابتغاء ثوابه وكرامته ومن الناس من قال لا حاجة إلى هذا الإضمار وحقيقة هذه المسألة راجعة إلى أنه هل يمكن أن يحب العبد ذات الله أو المراد من هذه المحبة محبة ثوابه وكرامته وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في تفسير قوله وَالَّذِينَ ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ ( البقرة ١٦٥ )
المسألة السادسة قرأ يحيى بن وثاب إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِ بالرفع على لغة من يقول ما في الدار أحد إلا حماراً وأنشد في اللغتين قوله وبلدة ليس بها أنيس
إلا اليعافير وإلا العيس
أما قوله وَلَسَوْفَ يَرْضَى فالمعنى أنه وعد أبا بكر أن يرضيه في الآخرة بثوابه وهو كقوله لرسوله ( ﷺ ) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ( الضحى ٥ ) وفيه عندي وجه آخر وهو أن المراد أنه ما أنفق إلا لطلب رضوان الله ولسوف يرضى الله عنه وهذا عندي أعظم من الأول لأن رضا الله عن عبده أكمل للعبد من رضاه عن ربه وبالجملة فلا بد من حصول الأمرين على ما قال رَاضِيَة ً مَّرْضِيَّة ً ( الفجر ٢٨ ) والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


الصفحة التالية
Icon