أهو جبريل أم لا وكان يخافه خوفاً شديداً وربما أراد أن يلقي نفسه من الجبل فهداه الله حتى عرف أنه جبريل عليه السلام الرابع عشر الضلال بمعنى المحبة كما في قوله إِنَّكَ لَفِى ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ( يوسف ٩٥ ) أي محبتك ومعناه أنك محب فهديتك إلى الشرائع التي بها تتقرب إلى خدمة محبوبك الخامس عشر ضالاًّ عن أمور الدنيا لا تعرف التجارة ونحوها ثم هديتك حتى ربحت تجارتك وعظم ربحت حتى رغبت خديجة فيك والمعنى أنه ما كان لك وقوف على الدنيا وما كنت تعرف سوى الدين فهديتك إلى مصالح الدنيا بعد ذلك السادس عشر وَوَجَدَكَ ضَالاًّ أي ضائعاً في قومك كانوا يؤذونك ولا يرضون بك رعية فقوي أمرك وهداك إلى أن صرت آمراً والياً عليهم السابع عشر كنت ضالاً ما كنت تهتدي على طريق السموات فهديتك إذ عرجت بك إلى السموات ليلة المعراج الثامن عشر ووجدك ضالاًّ أي ناسياً لقوله تعالى أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا ( البقرة ٢٨٢ ) فهديتك أي ذكرتك وذلك أنه ليلة المعراج نسي ما يجب أن يقال بسبب الهيبة فهداه الله تعالى إلى كيفية الثناء حتى قال ( لا أحصي ثناء عليك ) التاسع عشر أنه وإن كان عارفاً بالله بقلبه إلا أنه كان في الظاهر لا يظهر لهم خلافاً فعبر عن ذلك بالضلال العشرون روى علي عليه السلام عن النبي ( ﷺ ) أنه قال ( ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد من ذلك ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته فإني قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة لو حفظت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها كما يسمر الشبان فخرجت أريد ذلك حتى أتيت أول دار من دور مكة فسمعت عزفاً بالدفوف والمزامير فقالوا فلان ابن فلان يزوج بفلانة فجلست أنظر إليهم وضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس قال فجئت صاحبي فقال ما فعلت فقلت ما صنعت شيئاً ثم أخبرته الخبر قال ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك فضرب الله على أذني فما أيقظني إلا مس الشمس ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله تعالى برسالته )
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى
أما قوله تعالى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ففيه مسائل
المسألة الأولى العائل هو ذو العيلة وذكرنا ذلك عند قوله أَن لا تَعُولُواْ ( النساء ٣ ) ويدل عليه قوله تعالى وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَة ً ( التوبة ٢٨ ) ثم أطلق العائل على الفقير وإن لم يكن له عيال وههنا في تفسير العائل قولان
الأول وهو المشهور أن المراد هو الفقير ويدل عليه ما روى أنه في مصحف عبد الله ( ووجدك عديماً ) وقرىء عيلاً كما قرىء سيحات ثم في كيفية الإغناء وجوه الأول أن الله تعالى أغناه بتربية أبي طالب ولما اختلت أحوال أبي طالب أغناه ( الله ) بمال خديجة ولما اختل ذلك أغناه ( الله ) بمال أبي بكر ولما اختل ذلك أمره بالهجرة وأغناه بإعانة الأنصار ثم أمره بالجهاد وأغناه بالغنائم وإن كان إنما حصل


الصفحة التالية
Icon