ألم أصرف عنك وزرك قلت بلى ألم أوتك مالم أوت نبياً قبلك وهي خواتيم سورة البقرة أم أتخذك خليلاً كما اتخذت إبراهيم خليلاً ) فهل يصح هذا الحديث قلنا طعن القاضي في هذا الخبر فقال إن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون مثل ذلك إلا عن إذن فكيف يصح أن يقع من الرسول مثل هذا السؤال ويكون منه تعالى ما يجري مجرى المعاتبة
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
وقرىء فلا تكهر أي لا تعبس وجهك إليه والمعنى عامله بمثل ما عاملتك به ونظيره من وجه وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ( القصص ٧٧ ) ومنه قوله عليه السلام ( الله الله فيمن ليس له إلا الله ) وروي أنها نزلت حين صاح النبي ( ﷺ ) على ولد خديجة ومنه حديث موسى عليه السلام حين ( قال إلهي بم نلت ما نلت قال أتذكر حين هربت منك السخلة فلما قدرت عليها قلت أتعبت نفسك ثم حملتها فلهذا السبب جعلتك ولياً على الخلق فلما نال موسى عليه السلام النبوة بالإحسان إلى الشاة فكيف بالإحسان إلى اليتيم وإذا كان هذا العتاب بمجرد الصياح أو العبوسية في الوجه فكيف إذا أذله أو أكل ماله عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن ويقول تعالى من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والده التراب من أسكته فله الجنة )
وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
ثم قال تعالى وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ يقال نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره وفي المراد من السائل قولان أحدهما وهو اختيار الحسن أن المراد منه من يسأل العلم ونظيره من وجه عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الاْعْمَى ( عبس ١ ٢ ) وحينئذ يحصل الترتيب لأنه تعالى قال له أولاً أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَاوَى وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ( الضحى ٦ ٨ ) ثم اعتبر هذا الترتيب فأوصاه برعاية حق اليتيم ثم برعاية حق من يسأله عن العلم والهداية ثم أوصاه بشكر نعم الله عليه والقول الثاني أن المراد مطلق السائل ولقد عائب الله رسوله في القرآن في شأن الفقراء في ثلاثة مواضع أحدها أنه كان جالساً وحوله صناديد قريش إذ جاء ابن أم مكتوم الضرير فتخطى رقاب الناس حتى جلس بين يديه وقال علمني مما علمك الله فشق ذلك عليه فعبس وجهه فنزل عَبَسَ وَتَوَلَّى ( عبس ١ ) والثاني حين قالت له قريش لو جعلت لنا مجلساً وللفقراء مجلساً آخر فهم أن يفعل ذلك فنزل قوله وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم ( الكهف ٢٨ ) والثالث كان جالساً فجاءه عثمان بعذق من ثمر فوضعه بين يديه فأراد أن يأكل فوقف سائل بالباب فقال رحم الله عبداً يرحمنا فأمر بدفعه إلى السائل فكره عثمان ذلك وأراد أن يأكله النبي عليه السلام فخرج واشتراه من السائل ثم رجع السائل ففعل ذلك ثلاث مرات وكان يعطيه النبي عليه السلام إلى أن قال له النبي ( ﷺ ) أسائل أنت أم بائع فنزل وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
وَأَمَّا بِنِعْمَة ِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ


الصفحة التالية
Icon