وسادسها قوله تعالى وحدائق غلبا الأصل في الوصف بالغلب الرقاب فالغلب الغلاظ الأعناق الواحد أغلب يقال أسد أغلب ثم ههنا قولان
الأول أن يكون المراد وصف كب حديقة بأن أشجارها متكاثفة متقاربة وهذا قول مجاهد ومقاتل قالا الغلب الملتفة الشجر بعضه من بعض يقال اغلولب العشب واعلولبت الأرض إذا التف عشبها
والثاني أن يكون المراد وصف كل واحد من الأشجار بالغلظ والعظم قال عطاء عن ابن عباس يريد الشجر العظام وقال الفراء الغلب ما غلظ من النخل
وسابعها قوله وفاكهة وقد استدل بعضهم بأن الله تعالى لما ذكر الفاكهة معطوفة على العنب والزيتون والنخل وجب أن لا تدخل هذه الأشياء في الفاكهة وهذا قريب من جهة الظاهر لأن المعطوف مغاير للمعطوف عليه
وثامنها قوله تعالى وأبا والأب هو المرعى قال صاحب الكشاف لأنه يؤب أي يؤم وينتجع والأب والأم أخوان قال الشاعر جذمنا قيس ونجد دارنا
لنا الأب به والمكرع
وقيل الأب الفاكهة اليابسة لأنها تؤب للشتاء أي تعد ولما ذكر الله تعالى ما يتغذى به الناس والحيوان قال متاعا لكم ولأنعامكم
قال الفراء خلقناه منفعة ومتعة لكم ولأنعامكم وقال الزجاج هو منصوب لأنه مصدر مؤكد لقوله فأنبتنا لأن إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان
واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الأشياء وكان المقصود منها أمورا ثلاثة أولها الدلائل الدالة على التوحيد وثانيها الدلائل الدالة على القدرة على المعاد وثالثها أن هذا الإله الذي أحسن إلى عبيدة بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان لا يليق بالعاقل أن يتمرد عن طاعته وأن يتكبر على عبيدة أتبع هذه الجملة بما يكون مؤكدا لهذه الأغراض وهو شرح أهوال القيامة فإن الإنسان إذا سمعها خاف فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل والإيمان بها والإعراض عن الكفر ويدعوه ذلك أيضا إلى ترك التكبر على الناس وإلى التأمل في الدلائل والإيمان بها والإعراض عن الكفر ويدعوه ذلك أيضا إلى ترك التكبر على الناس وإلى إظهار التواضع إلى كل أحد فلا جرم ذكر القيامة فقال فإذا جاءت الصاخة قال المفسرون يعني صيحة القيامة وهي النفخة الأخيرة قال الزجاج أصل الصخ في اللغة الطعن والصك يقال صخ رأسه بحجر أي شدخه والغراب يصخ بمنقاره في دبر البعير أي يطعن فمعنى الصاخة الصاكة بشدة صوتها لللآذان وذكر صاحب الكشاف وجها آخر فقال يقال صخ لحديثه مثل أصاخ له فوصفت النفخة بالصاخة مجازا لأن الناس يصخون لها أي يستمعون


الصفحة التالية
Icon