وشرفه في سورة إذا زلزلت بثلاث تشريفات أولها قوله يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا وذلك يقتضي أن الأرض تشهد يوم القيامة لأمته بالطاعة والعبودية والثاني قوله يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ وذلك يدل على أنه تعرض عليهم طاعاتهم فيحصل لهم الفرح والسرور وثالثها قوله فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة ٍ خَيْراً يَرَهُ ومعرفة الله لا شك أنها أعظم من كل عظيم فلا بد وأن يصلوا إلى ثوابها ثم شرفه في سورة العاديات بأن أقسم بخيل الغزاة من أمته فوصف تلك الخيل بصفات ثلاث وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً
ثم شرف أمته في سورة القارعة بأمور ثلاثة أولها فمن ثقلت موازينه وثانيها أنهم في عيشة راضية وثالثها أنهم يرون أعداءهم في نار حامية
في شرفه في سورة الهاكم بأن بين أن المعرضين عن دينه وشرعه يصيرون معذبين من ثلاثة أوجه أولها أنهم يرون الجحيم وثانيها أنهم يرونها عين اليقين وثالثها أنهم يسألون عن النعيم
ثم شرف أمته في سورة والعصر بأمور ثلاثة أولها الإيمان إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وثانيها وعملوا الصالحات وثالثها إرشاد الخلق إلى الأعمال الصالحة وهو التواصي بالحق والتواصي بالصبر
ثم شرفه في سورة الهمزة بأن ذكر أن من همز ولمز فله ثلاثة أنواع من العذاب أولها أنه لا ينتفع بدنياه البتة وهو قوله يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلاَّ وثانيها أنه ينبذ في الحطمة وثالثها أنه يغلق عليه تلك الأبواب حتى لا يبقى له رجاء في الخروج وهو قوله إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَة ٌ
ثم شرف في سورة الفيل بأن رد كيد أعدائه في نحرهم من ثلاثة أوجه أولها جعل كيدهم في تضليل وثانيها أرسل عليهم طير أبابيل وثالثها جعلهم كعصف مأكول
ثم شرفه في سورة قريش بأنه راعى مصلحة أسلافه من ثلاثة أوجه أولها جعلهم مؤتلفين متوافقين لإيلاف قريش وثانيها أطعمهم من جوع وثالثها أنه آمنهم من خوف
وشرفه في سورة الماعون بأن وصف المكذبين بدينه بثلاثة أنواع من الصفات المذمومة أولها الدناءة واللؤم وهو قوله يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وثانيها ترك تعظيم الخالق وهو قوله عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ وثالثها ترك انتفاع الخلق وهو قوله وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ
ثم إنه سبحانه وتعالى لما شرفه في هذه السور من هذه الوجوه العظيمة قال بعدها إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ أي إنا أعطيناك هذه المناقب المتكاثرة المذكورة في السورة المتقدمة التي كل واحدة منها أعظم من ملك الدنيا بحذافيرها فاشتغل أنت بعبادة هذا الرب وبإرشاد عباده إلى ما هو الأصلح لهم أما عبادة الرب فإما بالنفس وهو قوله فَصَلّ لِرَبّكَ وإما بالمال وهو قوله وَانْحَرْ وأما إرشاد عباده إلى ما هو الأصلح لهم في دينهم ودنياهم فهو قوله قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ فثبت أن هذه السورة كالتتمة لما قبلها من السور وأما أنها كالأصل لما بعدها فهو أنه تعالى يأمره بعد هذه السورة بأن


الصفحة التالية
Icon