الثاني والثلاثون الحقوق في الشاهد نوعان حق من أنت تحت يده وهو مولاك وحق من هو تحت يدك وهو الولد ثم أجمعنا على أن خدمة المولى مقدمة على تربية الولد فإذا كان حق المولى المجازي مقدماً فبأن يكون حق المولى الحقيقي مقدماً كان أولى ثم روى أن علياً عليه السلام إستأذن الرسول ( ﷺ ) في التزوج بابنة أبي جهل فضجر وقال لا آذن لا آذن لا آذن أن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ويسرني ما يسرها والله لا يجمع بين بنت عدو الله وبنت حبيب الله فكأنه تعالى يقول صرحت هناك بالرد وكررته على سبيل المبالغة رعاية لحق الولد فههنا أولى أن تصرح بالرد وتكرره رعاية لحق المولى فقل قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ولا أجمع في القلب بين طاعة الحبيب وطاعة العدو الثالث والثلاثون يا محمد ألست قلت لعمر رأيت قصراً في الجنة فقلت لمن فقيل لفتى من قريش فقلت من هو فقالوا عمر فخشيت غيرتك فلم أدخلها حتى قال عمر أو أغار عليك يا رسول الله فكأنه تعالى قال خشيت غيرة عمر فما دخلت قصره أفما تخشى غيرتي في أن تدخل قلبك طاعة غيري ثم هناك أظهرت الامتناع فههنا أيضاً أظهر الامتناع و قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الرابع والثلاثون أترى أن نعمتي عليك دون نعمة الوالدة ألم أربك ألم أخلقك ألم أرزقك ألم أعطك الحياة والقدرة والعقل والهداية والتوفيق ثم حين كنت طفلاً عديم العقل وعرفت تربية الأم فلو أخذتك امرأة أجمل وأحسن وأكرم من أمك لأظهرت النفرة ولبكيت ولو أعطتك الثدي لسددت فمك تقول لا أريد غير الأم لأنها أول المنعم علي فههنا أولى أن تظهر النفرة فنقول لا أعبد سوى ربي لأنه أول منعم علي فقل قُلْ يأَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الخامس والثلاثون نعمة الإطعام دون نعمة العقل والنبوة ثم قد عرفت أن الشاة والكلب لا ينسيان نعمة الإطعام ولا يميلان إلى غير من أطعهما فكيف يليق بالعاقل أن ينسى نعمة الإيجاد والإحسان فكيف في حق أفضل الخلق قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ السادس والثلاثون مذهب الشافعي أنه يثبت حق الفرقة بواسطة الإعسار بالنفقة فإذا لم تجد من الأنصار تربية حصلت لك حق الفرقة لو كنت متصلاً بها لِمَ تَعْبُدُ مَالاً يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً فبتقدير أن كنت متصلاً بها كان يجب أن تنفصل عنها وتتركها فكيف وما كنت متصلاً بها أيليق بك أن تقرب الاتصال بها قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ السابع والثلاثون هؤلاء الكفار لفرط حماقتهم ظنوا أن الكثرة في الإلهية كالكثرة في المال يزيد به الغني وليس الأمر كذلك بل هو كالكثرة في العيال تزيد به الحاجة فقل يا محمد لي إله واحد أقوم له في الليل وأصوم له في النهار ثم بعد لم أتفرغ من قضاء حق ذرة من ذرات نعمه فكيف ألتزم عبادة آلهة كثيرة قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الثامن والثلاثون أن مريم عليها السلام لما تمثل لها جبريل عليه السلام قَالَتْ إِنّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً فاستعاذت أن تميل إلى جبريل دون الله أفتستجيز مع كمال رجوليتك أن تميل إلى الأصنام قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ التاسع والثلاثون مذهب أبي حنيفة أنه لا يثبت حق الفرقة بالعجز عن النفقة ولا بالعنة الطارئة يقول لأنه كان قيماً فلا يحسن الإعراض عنه مع أنه تعيب فالحق سبحانه يقول كنت قيماً ولم أتعيب فكيف يجوز الإعراض عني قُلْ ياأَهْلَ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الأربعون هؤلاء الكفار كانوا معترفين بأن الله خالقهم وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وقال في موضع آخر أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الاْرْضِ فكأنه تعالى يقول


الصفحة التالية
Icon