البحث الثاني أن أبا بكر حلف أنه ما هجاك وهذا من باب المعاريض لأن القرآن لا يسمى هجواً ولأنه كلام الله لا كلام الرسول فدلت هذه الحكاية على جواز المعاريض
بقي من مباحث هذه الآية سؤالان
السؤال الأول لم لم يكتف بقوله وَامْرَأَتُهُ بل وصفها بأنها حمالة الحطب الجواب قيل كان له امرأتان سواها فأراد الله تعالى أن لا يظن ظان أنه أراد كل من كانت امرأة له بل ليس المراد إلا هذه الواحدة
السؤال الثاني أن ذكر النساء لا يليق بأهل الكرم والمروءة فكيف يليق ذكرها بكلام الله ولا سيما امرأة العم الجواب لما لم يستبعد في امرأة نوح وامرأة لوط بسبب كفر تينك المرأتين فلأن لا يستعبد في امرأة كافرة زوجها رجل كافر أولى
فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ
قوله تعالى فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ قال الواحدي المسد في كلام العرب الفتل يقال مسد الحبل يمسده مسداً إذا أجاد فتله ورجل ممسود إذا كان مجدول الخلق والمسد ما مسد أي فتل من أي شيء كان فيقال لما فتل من جلود الإبل ومن الليف والخوص مسد ولما فتل من الحديد أيضاً مسد إذا عرفت هذا فنقول ذكر المفسرون وجوهاً أحدها في جيدها حبل مما مسد من الحبال لأنها كانت تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون والمقصود بيان خساستها تشبيهاً لها بالحطابات إيذاءه لها ولزوجها وثانيها أن يكون المعنى أن حالها يكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل الحزمة من الشوك فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم وفي جيدها حبل من سلاسل النار
فإن قيل الحبل المتخذ من المسد كيف يبقى أبداً في النار قلنا كما يبقى الجلد واللحم والعظم أبداً في النار ومنهم من قال ذلك المسد يكون من الحديد وظن من ظن أن المسد لا يكون من الحديد خطأ لأن المسد هو المفتول سواء كان من الحديد أو من غيره والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين


الصفحة التالية
Icon