يقدم إليه البراق السابع يحتمل أنه تعالى خص الصبح بالذكر لأنه وقت الصلاة الجامعة لأحوال القيامة فالقيام في الصلاة يذكر القيام يوم القيامة كما قال يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ والقراءة في الصلاة تذكر قراءة الكتب والركوع في الصلاة يذكر من القيامة قوله نَاكِسُواْ رُؤُوسَهُمْ والسجود في الصلاة يذكر قوله وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ والقعود يذكر قوله وَتَرَى كُلَّ أُمَّة ٍ جَاثِيَة ً فكان العبد يقول إلهي كما خلصتني من ظلمة الليل فخلصني من هذه الأهوال وإنما خص وقت صلاة الصبح لأن لها مزيد شرف على ما قال أَقِمِ الصَّلَواة َ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى أي تحضرها ملائكة الليل والنهار الثامن أنه وقت الاستغفار والتضرع على ما قال وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاْسْحَارِ القول الثاني في الفلق أنه عبارة عن كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبّ وَالنَّوَى والجبال عن العيون وَإِنَّ مِنْهَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الانْهَارُ والسحاب عن الأمطار والأرحام عن الأولاد والبيض عن الفرخ والقلوب عن المعارف وإذا تأملت الخلق تبين لك أن أكثره عن انقلاب بل العدم كأنه ظلمة والنور كأنه الوجود وثبت أنه كان الله في الأزل ولم يكن معه شيء البتة فكأنه سبحانه هو الذي فلق بحار ظلمات العدم بأنوار الإيجاد والتكوين والإبداع فهذا هو المراد من الفلق وهذا التأويل أقرب من وجوه أحدها هو أن الموجود إما الخالق وإما الخلق فإذا فسرنا الفلق بهذا التفسير صار كأنه قال قل أعوذ برب جميع الممكنات ومكون كل المحدثات والمبدعات فيكون التعظيم فيه أعظم ويكون الصبح أحد الأمور الداخلة في هذا المعنى وثانيها أن كل موجود إما واجب لذاته أو ممكن لذاته والممكن لذاته يكون موجوداً بغيره معدوماً في حد ذاته فإذن كل ممكن فلا بد له من مؤثر يؤثر فيه حال حدوثه ويبقيه حال بقائه فإن الممكن حال بقائه يفتقر إلى المؤثر والتربية إشارة لا إلى حال الحدوث بل إلى حال البقاء فكأنه يقول إنك لست محتاجاً إلى حال الحدوث فقط بل في حال الحدوث وحال البقاء معاً في الذات وفي جميع الصفات فقوله بِرَبّ الْفَلَقِ يدل على احتياج كل ما عداه إليه حالتي الحدوث والبقاء في الماهية والوجود بحسب الذوات والصفات وسر التوحيد لا يصفو عن شوائب الشرك إلا عند مشاهدة هذه المعاني وثالثها أن التصوير والتكوين في الظلمة أصعب منه في النور فكأنه يقول أنا الذي أفعل ما أفعله قبل طلوع الأنوار وظهور الأضواء ومثل ذلك مما لا يتأتى إلا بالعلم التام والحكمة البالغة وإليه الإشارة بقوله هُوَ الَّذِي يُصَوّرُكُمْ فِي الاْرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لا إله إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
القول الثالث أنه واد في جهنم أوجب فيها من قولهم لما اطمأن من الأرض الفلق والجمع فلقان وعن بعض الصحابة أنه قدم الشام فرآى دور أهل الذمة وما هم فيه من خصب العيش فقال لا أبالي أليس من ورائهم الفلق فقيل وما الفلق قال بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره وإنما خصه بالذكر ههنا لأنه هو القادر على مثل هذا التعذيب اعظيم الخارج عن حد أوهام الخلق ثم قد ثبت أن رحمته أعظم وأكمل وأتم من عذابه فكأنه يقول يا صاحب العذاب الشديد أعوذ برحمتك التي هي أعظم وأكمل وأتم وأسبق وأقدم من عذابك
مِن شَرِّ مَا خَلَقَ