السؤال الأول تقدير الآية لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين فهذا يقتضي أن أهل الكتاب منهم كافر ومنهم ليس بكافر وهذا حق وأن المشركين منهم كافر ومنهم ليس بكافر ومعلوم أن ليس بحق والجواب من وجوه أحدها كلمة من ههنا ليست للتبعيض بل للتبيين كقوله فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الاْوْثَانِ وثانيها أن الذين كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام بعضهم من أهل الكتاب وذلك لأن النصارى مثلثة واليهود عامتهم مشبهة وهذا كله شرك وقد يقول القائل جاءني العقلاء والظرفاء يريد بذلك قوماً بأعيانهم يصفهم بالأمرين وقال تعالى الركِعُونَ السَّاجِدونَ الاْمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ وهذا وصف لطائفة واحدة وفي القرآن من هذا الباب كثير وهو أن ينعت قوم بنعوت شتى يعطف بعضها على بعض بواو العطف ويكون الكل وصفاً لموصوف واحد
السؤال الثاني المجوس هل يدخلون في أهل الكتاب قلنا ذكر بعض العلماء أنهم داخلون في أهل الكتاب لقوله عليه السلام ( سنوليهم سنة أهل الكتاب ) وأنكره الآخرون قال لأنه تعالى إنما ذكر من الكفار من كان في بلاد العرب وهم اليهود والنصارى قال تعالى حكاية عنهم أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا والطائفتان هم اليهود والنصارى
السؤال الثالث ما الفائدة في تقديم أهل الكتاب في الكفر على المشركين حيث قال لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ الجواب أن الواو لا تفيد الترتيب ومع هذا ففيه فوائد أحدها أن السورة مدنية فكأن أهل الكتاب هم المقصودون بالذكر وثانيها أنهم كانوا علماء بالكتب فكانت قدرتهم على معرفة صدق محمد أتم فكان إصرارهم على الكفر أقبح وثالثها أنهم لكونهم علماء يقتدي غيرهم بهم فكان كفرهم أصلاً لكفر غيرهم فلهذا قدموا في الذكر ورابعها أنهم لكونهم علماء أشرف من غيرهم فقدموا في الذكر
السؤال الرابع لم قال من أهل الكتاب ولم يقل من اليهود والنصارى الجواب لأن قوله مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يدل على كونهم علماء وذلك يقتضي إما مزيد تعظيم فلا جرم ذكروا بهذا اللقب دون اليهود والنصارى أو لأن كونه عالماً يقتضي مزيد قبح في كفره فذكروا بهذا الوصف تنبيهاً على تلك الزيادة من العقاب
المسألة الثانية هذه الآية فيها أحكام تتعلق بالشرع أحدها أنه تعالى فسر قوله الَّذِينَ كَفَرُواْ بأهل الكتاب وبالمشركين فهذا يقتضي كون الكل واحداً في الكفر فمن ذلك قال العلماء الكفر كله ملة واحدة فالمشرك يرث اليهودي وبالعكس والثاني أن العطف أوجب المغايرة فلذلك نقول الذمي ليس بمشرك وقال عليه السلام ( غيرنا كحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم ) فأثبت التفرقة بين الكتابي والمشرك الثالث نبه بذكر أهل الكتاب أنه لا يجوز الاغترار بأهل العلم إذ قد حدث في أهل القرآن مثل ما حدث في الأمم الماضية
المسألة الرابعة قال القفال الانفكاك هو انفراج الشيء عن الشيء وأصله من الفك وهو الفتح