الخيل أبابيل أبابيل من ههنا وههنا وهل لهذه اللفظة واحد أم لا فيه قولان الأول وهو قول الأخفش والفراء أنه لا واحد لها وهو مثل الشماطيط والعباديد لا وحد لها والثاني أنه له واحد ثم على هذا القول ذكروا ثلاثة أوجه أحدها زعم أبو جعفر الرؤاسي وكان ثقة مأموناً أنه سمع واحدها إبالة وفي أمثالهم ضغث على إبالة وهي الحزمة الكبيرة سميت الجماعة من الطير في نظامها بالإبالة وثانيها قال الكسائي كنت أسمع النحويين يقولون إبول وأبابيل كعجول وعجاجيل وثالثها قال الفراء ولو قال قائل واحد الأبابيل إيبالة كان صواباً كما قال دينار ودنانير
السؤال الثالث ما صفة تلك الطير الجواب روى ابن سيرين عن ابن عباس قال كانت طيراً لها خراطيم كخراطيم الفيل وأكل كأكف الكلاب وروى عطاء عنه قال طير سود جاءت من قبل البحر فوجاً فوجاً ولعل السبب أنها أرسلت إلى قوم كان في صورتهم سواد اللون وفي سرهم سواد الكفر والمعصية وعن سعيد بن جبير أنها بيض صغار ولعل السبب أن ظلمة الكفر انهزمت بها والبياض ضد السواد وقيل كانت خضراً ولها رءوس مثل رءوس السباع وأقول إنها لما كانت أفواجاً فلعل كل فوج منها كان على شكل آخر فكل أحد وصف ما رأى وقيل كانت بلقاء كالخطاطيف
تَرْمِيهِم بِحِجَارَة ٍ مِّن سِجِّيلٍ
ثم قال تعالى تَرْمِيهِم بِحِجَارَة ٍ مّن سِجّيلٍ وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ أبو حيوة يرميهم أي الله أو الطير لأنه اسم جمع مذكر وإنما يؤنث على المعنى
المسألة الثانية ذكروا في كيفية الرمي وجوهاً أحدها قال مقاتل كان كل طائر يحمل ثلاثة أحجار واحد في منقاره واثنان في رجليه يقتل كل واحد رجلاً مكتوب على كل حجر اسم صاحبه ما وقع منها حجر على موضع إلا خرج من الجانب الآخر وإن وقع على رأسه خرج من دبره وثانيها روى عكرمة عن ابن عباس قال لما أرسل الله الحجارة على أصحاب الفيل لم يقع حجر على أحد منهم إلا نفط جلده وثار به الجدري وهو قول سعيد بن جبير وكانت تلك الأحجار أصغرها مثل العدسة وأكبرها مثل الحمصة
واعلم أن من الناس من أنكر ذلك وقال لو جوزناأن يكون في الحجارة التي تكون مثل العدسة من الثقل ما يقوى به على أن ينفذ من رأس الإنسان ويخرج من أسفله لجوزنا أن يكون الجبل العظيم خالياً عن الثقل وأن يكون في ومن التينة وذلك يرفع الأمان عن المشاهدات فإنه متى جاز ذلك فليجز أن يكون بحضرتنا شموس وأقمار ولا نراها وأن يحصل الإدراك في عين الضرير حتى يكون هو بالمشرق ويرى بقعة في الأندلس وكل ذلك محال واعلم أن ذلك جائز على مذهبنا إلا أن العادة جارية بأنها لا تقع
المسألة الثالثة ذكروا في السجيل وجوهاً أحدها أن السجيل كأنه علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار كما أن سجيناً علم لديوان أعمالهم كأنه قيل بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون واشتقاقه من الإسجال وهو الإرسال ومنه السجل الدلو المملوء ماء وإنما سمي ذلك الكتاب بهذا الاسم


الصفحة التالية
Icon