ذلك الطهارة من الحيض والنفاس وسائر الأحوال التي تظهر عن النساء في الدنيا مما ينفر عنه الطبع ويدخل فيه كونهن مطهرات من الأخلاق الذميمة ومن القبح وتشويه الخلقة ويدخل فيه كونهن مطهرات من سوء العشرة
ثم قال تعالى وَرِضْوانٌ مّنَ اللَّهِ وفيه مسألتان
المسألة الأولى قرأ عاصم وَرِضْوَانٍ بضم الراء والباقون بكسرها أما الضم فهو لغة قيس وتميم وقال الفرّاء يقال رضيت رضا ورضوانا ومثل الراضون بالكسر الحرمان والقربان وبالضم الطغيان والرجحان والكفران والشكران
المسألة الثانية قال المتكلمون الثواب له ركنان أحدهما المنفعة وهي التي ذكرناها والثاني التعظيم وهو المراد بالرضوان وذلك لأن معرفة أهل الجنة مع هذا النعيم المقيم بأنه تعالى راض عنهم حامد لهم مثن عليهم أزيد في إيجاب السرور من تلك المنافع وأما الحكماء فإنهم قالوا الجنّات بما فيها إشارة إلى الجنة الجسمانية والرضوان فهو إشارة إلى الجنة الروحانية وأعلى المقامات إنما هو الجنة الروحانية وهو عبارة عن تجلي نور جلال الله تعالى في روح العبد واستغراق العبد في معرفته ثم يصير في أول هذه المقامات راضياً عن الله تعالى وفي آخرها مرضياً عند الله تعالى والله الإشارة بقوله رَاضِيَة ً مَّرْضِيَّة ً ( الفجر ٢٨ ) ونظير هذه الآية قوله تعالى وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيّبَة ً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مّنَ اللَّهِ ( التوبة ٧٢ )
ثم قال وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ أي عالم بمصالحهم فيجب أن يرضوا لأنفسهم ما اختاره لهم من نعيم الآخرة وأن يزهدوا فيما زهدهم فيه من أمور الدنيا
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
في الآية مسائل
المسألة الأولى في إعراب موضع الَّذِينَ يَقُولُونَ وجوه الأول أنه خفض صفة للذين اتقوا وتقدير الآية للذين اتقوا الذين يقولون ويجوز أن يكون صفة للعباد والتقدير والله بصير بالعباد وأولئك هم المتقون الذين لهم عند ربهم جنّات هم الذين يقولون كذا وكذا والثاني أن يكون نصباً على المدح والثالث أن يكون رفعاً على التخصيص والتقدير هم الذين يقول كذا وكذا
المسألة الثانية إعلم أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا ثم إنهم قالوا بعد ذلك فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وذلك يدل على أنهم توسلوا بمجرد الإيمان إلى طلب المغفرة والله تعالى حكى ذلك عنهم في معرض المدح لهم والثناء عليهم فدل هذا على أن العبد بمجرد الإيمان يستوجب الرحمة والمغفرة من الله


الصفحة التالية
Icon