أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ذالِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
إعلم أنه تعالى لما نبّه على عناد القوم بقوله فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِى َ للَّهِ ( آل عمران ٢٠ ) بيّن في هذه الآية غاية عنادهم وهو أنهم يدعون إلى الكتاب الذي يزعمون أنهم يؤمنون به وهو التوراة ثم إنهم يتمردون ويتولون وذلك يدل على غاية عنادهم وفي الآية مسائل
المسألة الأولى ظاهر قوله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مّنَ الْكِتَابِ يتناول كلهم ولا شك أن هذا مذكور في معرض الذم إلا أنه قد دلّ دليل آخر على أنه ليس كل أهل الكتاب كذلك لأنه تعالى يقول مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّة ٌ قَائِمَة ٌ يَتْلُونَ ءايَاتِ اللَّهِ ءانَاء الَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ( آل عمران ١١٣ )
المسألة الثانية قوله تعالى أوتوا نصيباً من الكتاب المراد به غير القرآن لأنه أضاف الكتاب إلى الكفار وهم اليهود والنصارى وإذا كان كذلك وجب حمله على الكتاب الذي كانوا مقرين بأنه حق ومن عند الله
المسألة الثالثة ذكروا في سبب النزول وجوهاً أحدها روي عن ابن عباس أن رجلاً وامرأة من اليهود زنيا وكانا ذوي شرف وكان في كتابهم الرجم فكرهوا رجمهما لشرفهما فرجعوا في أمرهما إلى النبي ( ﷺ ) رجاء أن يكون عنده رخصة في ترك الرجم فحكم الرسول ( ﷺ ) بالرجم فأنكروا ذلك فقال عليه الصلاة والسلام بيني وبينكم التوراة فإن فيها الرجم فمن أعلمكم قالوا عبد الله بن صوريا الفدكي فأتوا به وأحضروا التوراة فلما أتى على آية الرجم وضع يده عليها فقال ابن سلام قد جاوز موضعها يا رسول الله فرفع كفه عنها فوجدوا آية الرجم فأمر النبي ( ﷺ ) بهما فرجما فغضبت اليهود لعنهم الله لذلك غضباً شديداً فأنزل الله تعالى هذه الآية
والرواية الثانية أنه ( ﷺ ) دخل مدرسة اليهود وكان فيها جماعة منهم فدعاهم إلى الإسلام فقالوا على أي دين أنت فقال على ملة إبراهيم فقالوا إن إبراهيم كان يهودياً فقال ( ﷺ ) هلموا إلى التوراة فأبوا ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية
والرواية الثالثة أن علامات بعثة محمد ( ﷺ ) مذكورة في التوراة والدلائل الدالة على صحة نبوّته


الصفحة التالية
Icon