الله ( ﷺ ) نناشدك الله والرحم أن لا تبعث الينا فلانا وفلانا وأما القراءة بالنصب فالمعنى يرجع الى ذلك والتقدير واتقوا الله واتقوا الأرحام قال القاضي وهذا أحد ما يدل على أنه قد يراد باللفظ الواحد المعاني المختلفة لأن معنى تقوى الله مخالف لمعنى تقوى الأرحام فتقوى الله إنما يكون بالتزام طاعته واجتناب معاصيه واتقاء الأرحام بأن توصل ولا تقطع فيما يتصل بالبر والافضال والاحسان ويمكن أن يجاب عنه بأنه تعالى لعله تكلم بهذه اللفظة مرتين وعلى هذا التقدير يزول الاشكال
المسألة الخامسة قال بعضهم اسم الرحم مشتق من الرحمة التي هي النعمة واحتج بما روي عن النبي ( ﷺ ) أنه قال ( يقول الله تعالى أنا الرحمن وهي الرحم اشتققت اسمها من اسمي ) ووجه التشبيه ان لمكان هذه الحالة تقع الرحمة من بعض الناس لبعض وقال آخرون بل اسم الرحم مشتق من الرحم الذي عنده يقع الانعام وانه الأصل وقال بعضهم بل كل واحد منهما أصل بنفسه والنزاع في مثل هذا قريب
المسألة السادسة دلت الآية على جواز المسألة بالله تعالى روى مجاهد عن عمر قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( من سألكم بالله فأعطوه ) وعن البراء بن عازب قال أمرنا رسول الله ( ﷺ ) بسبع منها ابرار القسم
المسألة السابعة دل قوله تعالى وَالاْرْحَامَ على تعظيم حق الرحم وتأكيد النهي عن قطعها قال تعالى فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الاْرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ ( محمد ٢٢ ) وقال لاَ يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّة ً قيل في الأول إنه القرابة وقال وَقَضَى رَبُّكَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً ( الإسراء ٢٣ ) وقال وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ( النساء ٣٦ ) وعن عبد الرحمن بن عوف أن النبي ( ﷺ ) قال ( يقول الله تعالى أنا الرحمن وهي الرحم اشتققت اسمها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( ما من شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم وما من عمل عصى الله به أعجل عقوبة من البغي واليمين الفاجرة ) وعن أنس قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( ان الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء ويدفع الله بهما المحذور والمكروه ) وقال عليه الصلاة والسلام ( أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح ) قيل الكاشح العدو فثبت بدلالة الكتاب والسنة وجوب صلة الرحم واستحقاق الثواب بها ثم إن أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه بنوا على هذا الأصل مسألتين إحداهما أن الرجل إذا ملك ذا رحم محرم عتق عليه مثل الأخ والاخت والعم والخال قال لانه لو بقي الملك لحل الاستخدام بالاجماع لكن الاستخدام إيحاش يورث قطيعة الرحم وذلك حرام بناء على هذا الاصل فوجب أن لا يبقى الملك وثانيهما أن الهبة لذي الرحم المحرم لا يجوز الرجوع فيها لان ذلك الرجوع ايحاش يورث قطيعة الرحم فوجب أن لا يجوز والكلام في هاتين المسألتين مذكور في الخلافيات
ثم أنه تعالى ختم هذه الآية بما يكون كالوعد والوعيد والترغيب والترهيب فقال إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً والرقيب هو المراقب الذي يحفظ عليك جميع أفعالك ومن هذا صفته فانه يجب أن يخاف ويرجى فبين تعالى أنه يعلم السر وأخفى وانه إذا كان كذلك يجب أن يكون المرء حذرا خائفا فيما يأتي ويترك


الصفحة التالية
Icon