العبيد وقال مالك يحل للعبد أن يتزوج بالأربع وتمسك بظاهر هذه الآية
والجواب الذي يعتمد عليه أن الشافعي احتج على أن هذه الآية مختصة بالأحرار بوجهين آخرين سوى ما ذكرناه الأول أنه تعالى قال بعد هذه الآية فَإِنْ خِفْتُمْ أَن لا تَعْدِلُواْ فَواحِدَة ً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وهذا لا يكون إلا للأحرار والثاني أنه تعالى قال فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَى ْء مّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ( النساء ٤ ) والعبد لا يأكل ما طابت عنه نفس امرأته من المهر بل يكون لسيده قال مالك إذا ورد عمومان مستقلان فدخول التقييد في الأخير لا يوجب دخوله في السابق
أجاب الشافعي رضي الله عنه بأن هذه الخطابات في هذه الآيات وردت متوالية على نسق واحد فلما عرف في بعضها اختصاصها بالأحرار عرف أن الكل كذلك ومن الفقهاء من علم أن ظاهر هذه الآية متناول للعبيد إلا أنهم خصصوا هذا العموم بالقياس قالوا أجمعنا على أن للرق تأثيراً في نقصان حقوق النكاح كالطلاق والعدة ولما كان العدد من حقوق النكاح وجب أن يحصل للعبد نصف ما للحر والجواب الأول أولى وأقوى والله أعلم
المسألة السادسة ذهب قوم سدى إلى أنه يجوز التزوج بأي عدد أريد واحتجوا بالقرآن والخبر أما القرآن فقد تمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه الأول أن قوله فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء إطلاق في جميع الأعداد بدليل أنه لا عدد إلا ويصح استثناؤه منه وحكم الاستثناء إخراج ما لولاه لكان داخلا والثاني أن قوله مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ لا يصلح تخصيصا لذلك العموم لأن تخصيص بعض الاعداد بالذكر لا ينفي ثبوت الحكم في الباقي بل نقول ان ذكر هذه الأعداد يدل على رفع الحرج والحجر مطلقا فان الانسان إذا قال لولده افعل ما شئت اذهب إلى السوق وإلى المدينة وإلى البستان كان تنصيصا في تفويض زمام الخيرة اليه مطلقاً ورفع الحجر والحرج عنه مطلقاً ولا يكون ذلك تخصيصاً للاذن بتلك الأشياء المذكورة بل كان إذنا في المذكور وغيره فكذا ههنا وأيضاً فذكر جميع الأعداد متعذر فاذا ذكر بعض الأعداد بعد قوله فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء كان ذلك تنبيها على حصول الاذن في جميع الأعداد والثالث أن الواو للجمع المطلق فقوله مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يفيد حل هذا المجموع وهو يفيد تسعة بل الحق أنه يفيد ثمانية عشر لان قوله مثنى ليس عبارة عن اثنين فقط بل عن اثنين اثنين وكذا القول في البقية وأما الخبر فمن وجهين الأول أنه ثبت بالتواتر أنه ( ﷺ ) مات عن تسع ثم ان الله تعالى أمرنا باتباعه فقال فَاتَّبَعُوهُ وأقل مراتب الأمر الاباحة الثاني أن سنة الرجل طريقته وكان التزوج بالأكثر من الأربع طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام فكان ذلك سنة له ثم انه عليه السلام قال ( فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فظاهر هذا الحديث يقتضي توجه اللوم على من ترك التزوج بأكثر من الأربعة فلا أقل من أن يثبت أصل الجواز
واعلم أن معتمد الفقهاء في إثبات الحصر على أمرين الأول الخبر وهو ما روي ان غيلان أسلم وتحته عشر نسوة فقال الرسول ( ﷺ ) أمسك أربعا وفارق باقيهن وروي ان نوفل بن معاوية أسلم وتحته خمس نسوة فقال عليه السلام ( أمسك أربعا وفارق واحدة )
واعلم أن هذا الطريق ضعيف لوجهين الأول أن القرآن لما دل على عدم الحصر بهذا الخبر كان


الصفحة التالية
Icon