اكتسبن أنفقن على أنفسهن وعلى مولاهن أيضا وحينئذ تقل العيال أما إذا كانت المرأة حرة لم يكن الامر كذلك فظهر الفرق الثاني ان المرأة إذا كانت مملوكة فاذا عجز المولى عن الانفاق عليها باعها وتخلص منها أما إذا كانت حرة فلا بد له من الانفاق عليها والعرف يدل على أن الزوج ما دام يمسك الزوجة فانها لا تطالبه بالمهر فاذا حاول طلاقها طالبته بالمهر فيقع الزوج في المحنة
وأما السؤال الرابع وهو الذي ذكره الجرجاني صاحب النظم فالجواب عنه من وجهين الأول ما ذكره القاضي وهو أن الوجه الذي ذكره الشافعي أرجح لانه لو حمل على الجور لكان تكراراً لانه فهم ذلك من قوله وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ أما إذا حملناه على ما ذكره الشافعي لم يلزم التكرار فكان أولى الثاني أن نقول هب أن الامر كما ذكرتم لكنا بينا أن التفسير الذي ذكره الشافعي راجع عند التحقيق الى ذكر التفسير الأول لكن على سبيل الكناية والتعريض واذا كان الامر كذلك فقد زال هذا السؤال فهذا تمام البحث في هذا الموضع وبالله التوفيق
وَءَاتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة ً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَى ْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً
في الآية مسائل
المسألة الأولى قوله وَءاتُواْ النّسَاء خطاب لمن فيه قولان أحدهما ان هذا خطاب لأولياء النساء وذلك لأن العرب كانت في الجاهلية لا تعطي النساء من مهورهن شيئا ولذلك كانوا يقولون لمن ولدت له بنت هنيئا لك النافجة ومعناه أنك تأخذ مهرها إبلاً فتضمها الى إبلك فتنفج مالك أي تعظمه وقال ابن الاعرابي النافجة يأخذه الرجل من الحلوان إذا زوج ابنته فنهى الله تعالى عن ذلك وأمر بدفع الحق الى أهله وهذا قول الكلبي وأبي صالح واختيار الفراء وابن قتيبة
القول الثاني ان الخطاب للأزواج أمروا بايتاء النساء مهورهن وهذا قول علقمة والنخعي وقتادة واختيار الزجاج قال لأنه لا ذكر للأولياء ههنا وما قبل هذا خطاب للناكحين وهم الأزواج
المسألة الثانية قال القفال رحمه الله يحتمل أن يكون المراد من الايتاء المناولة ويحتمل أن يكون المراد الالتزام قال تعالى حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَة َ عَن يَدٍ ( التوبة ٢٩ ) والمعنى حتى يضمنوها ويلتزموها فعلى هذا الوجه الأول كأن المراد أنهم أمروا بدفع المهور التي قد سموها لهن وعلى التقدير الثاني كان المراد أن الفروج لا تستباح إلا بعوض يلزم سواء سمي ذلك أو لم يسم إلا ما خص به الرسول ( ﷺ ) في الموهوبة ثم قال رحمه الله ويجوز أن يكون الكلام جامعا للوجهين معا والله أعلم
المسألة الثالثة قال صاحب ( الكشاف ) صَدُقَاتِهِنَّ مهورهن وفي حديث شريح قضى ابن عباس لها بالصدقة وقرأ صَدُقَاتِهِنَّ بفتح الصاد وسكون الدال على تخفيف صدقاتهن و صَدُقَاتِهِنَّ بضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة وقرىء صَدُقَاتِهِنَّ بضم الصاد والدل على التوحيد وهو مثقل صدقة كقوله في ظلمة ظلمة قال الواحدي موضوع صدق على هذا الترتيب للكمال والصحة فسمي المهر صداقا وصدقة لأن عقد النكاح به يتم ويكمل


الصفحة التالية
Icon