فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ( هود ٩٧ ) نفي الرشد عنه لأنه ما كان يراعي مصالح الدين والله أعلم
إذا عرفت هذا فنقول فائدة هذا الاختلاف أن الشافعي رحمه الله يرى الحجر على الفاسق وأبو حنيفة رضي الله عنه لا يراه
المسألة الرابعة اتفقوا على أنه إذا بلغ غير رشيد فانه لا يدفع اليه ماله ثم عند أبي حنيفة لا يدفع اليه ماله حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة فاذا بلغ ذلك دفع اليه ماله على كل حال وإنما اعتبر هذا السن لأن مدة بلوغ الذكر عنده بالسن ثماني عشرة سنة فاذا زاد عليه سبع سنين وهي مدة معتبر في تغير أحوال الانسان لقوله عليه الصلاة والسلام ( مروهم بالصلاة لسبع ) فعند ذلك تمت المدة التي يمكن فيها حصول تغير الأحوال فعندها يدفع اليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس وقال الشافعي رضي الله عنه لا يدفع إليه أبدا إلا بايناس الرشد وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله
احتج أبو بكر الرازي لأبي حنيفة بهذه الآية فقال لا شك أن اسم الرشد واقع على العقل في الجملة والله تعالى شرط رشداً منكرا ولم يشترط سائر ضروب الرشد فاقتضى ظاهر الآية أنه لما حصل العقل فقد حصل ما هو الشرط المذكور في هذه الآية فيلزم جواز دفع المال اليه ترك العمل به فيما دون خمس وعشرين سنة فوجب العمل بمقتضى الآية فيما زاد على خمس وعشرين سنة ويمكن أن يجاب عنه بأنه تعالى قال وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى ولا شك أن المراد ابتلاؤهم فيما يتعلق بمصالح حفظ المال ثم قال وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ ويجب أن يكون المراد فان آنستم منهم رشدا في حفظ المال وضبط مصالحه فانه ان لم يكن المراد ذلك تفكك النظم ولم يبق للبعض تعلق بالبعض وإذا ثبت هذا علمنا أن الشرط المعتبر في الآية هو حصول الرشد في رعاية مصالح المال وعند هذا سقط استدلال أبي بكر الرازي بل تنقلب هذه الآية دليلا عليه لأنه جعل رعاية مصالح المال شرطا في جواز دفع المال اليه فاذا كان هذا الشرط مفقوداً بعد خمس وعشرين سنة وجب أن لا يجوز دفع المال اليه والقياس الجلي أيضا يقوي الاستدلال بهذا النص لأن الصبي إنما منع منه المال لفقدان العقل الهادي إلى كيفية حفظ المال وكيفية الانتفاع به فاذا كان هذا المعنى حاصلا في الشباب والشيخ كان في حكم الصبي فثبت أنه لا وجه لقول من يقول انه إذا بلغ خمسا وعشرين سنة دفع اليه ماله وان لم يؤنس منه الرشد
المسألة الخامسة إذا بلغ رشيدا ثم تغير وصار سفيها حجر عليه عند الشافعي ولا يحجر عليه عند أبي حنيفة وقد مرت هذه المسألة عند قوله تعالى وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ( النسار ٥ ) والقياس الجلي أيضا يدل عليه لأن هذه الآية دالة على أنه إذا بلغ غير رشيد لم يدفع اليه ماله وإنما لم يدفع اليه ماله لئلا يصير المال ضائعا فيكون باقيا مرصداً ليوم حاجته وهذا المعنى قائم في السفه الطارىء فوجب اعتباره والله أعلم
المسألة السادسة قال صاحب ( الكشاف ) الفائدة في تنكير الرشد التنبيه على ان المعتبر هو الرشد في التصرف والتجارة أو على أن المعتبر هو حصول طرف من الرشد وظهور أثر من آثاره حتى لا ينتظر به تمام الرشد
المسألة السابعة قال صاحب ( الكشاف ) قرأ ابن مسعود فان أحستم بمعنى أحسستم قال


الصفحة التالية
Icon