يكون كسباً جديداً مبتدأ إنما التوريث لا يتحقق إلا في المال على سبيل الحقيقة وثانيها أن المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلا فاطمة وعلي والعباس وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء وأهل الدين وأما أبو بكر فانه ما كان محتاجا الى معرفة هذه المسألة البتة لأنه ما كان ممن يخطر بباله أنه يرث من الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف يليق بالرسول عليه الصلاة والسلام أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة به إليها ولا يبلغها إلى من له إلى معرفتها أشد الحاجة وثالثها يحتمل أن قوله ( ما تركناه صدقة ) صلة لقوله ( لا نورث ) والتقدير أن الشيء الذي تركناه صدقة فذلك الشيء لا يورث
فان قيل فعلى هذا التقدير لا يبقى للرسول خاصية في ذلك
قلنا بل تبقى الخاصية لاحتمال أن الأنبياء إذا عزموا على التصدق بشيء فبمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم ولا يرثه وارث عنهم وهذا المعنى مفقود في حق غيرهم
والجواب أن فاطمة عليها السلام رضيت بقول أبي بكر بعد هذه المناظرة وانعقد الاجماع على صحة ما ذهب اليه أبو بكر فسقط هذا السؤال والله أعلم
المسألة الثامنة من المسائل المتعلقة بهذه الآية أن قوله لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ معناه للذكر منهم فحذف الراجع اليه لأنه مفهوم كقولك السمن منوان بدرهم والله أعلم
أما قوله تعالى فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ المعنى إن كانت البنات أو المولودات نساء خلصا ليس معهن ابن وقوله فَوْقَ اثْنَتَيْنِ يجوز أن يكون خبرا ثانيا لكان وأن يكون صفة لقوله نِسَاء أي نساء زائدات على اثنتين وههنا سؤالات
السؤال الأول قوله لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ كلام مذكور لبيان حظ الذكر من الأولاد لا لبيان حظ الأنثيين فكيف يحسن إرادته بقوله فَإِن كُنَّ نِسَاء وهو لبيان حظ الاناث
والجواب من وجهين الأول أنا بينا أن قوله لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ دل على أن حظ الأنثيين هو الثلثان فلما ذكر ما دل على حكم الأنثيين قال بعده فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ على معنى فان كن جماعة بالغات ما بلغن من العدد فلهن ما للثنتين وهو الثلثان ليعلم أن حكم الجماعة حكم الثنتين بغير تفاوت فثبت أن هذا العطف متناسب الثاني أنه قد تقدم ذكر الأنثيين فكفى هذا القول في حسن هذا العطف
السؤال الثاني هل يصح أن يكون الضميران في ( كن ) و ( كانت ) مبهمين ويكون ( نساء ) و ( واحدة ) تفسيراً لهما على ان ( كان ) تامة
الجواب ذكر صاحب ( الكشاف ) أنه ليس ببعيد
السؤال الثالث النساء جمع وأقل الجمع ثلاثة فالنساء يجب أن يكن فوق اثنتين فما الفائدة في التقييد بقوله فوق اثنتين
الجواب من يقول أقل الجمع اثنان فهذه الآية حجته ومن يقول هو ثلاثة قال هذا للتأكيد كما في قوله إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً ( النساء ١٠ ) وقوله لاَ تَتَّخِذُواْ إِلاهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلاهٌ وَاحِدٌ


الصفحة التالية
Icon