وتراه أيضًا يلاحظ علاقة ضمير الفاعل في (يٍسْألونك) ولم يسبق له مرجع بالمسند إليه (اسم الموصول) في الجملة الأخيرة من سورة الأعراف (إنّ الَّذينَ عِنْدَ رَبِّكَ) وما بين حالي المتحدث عنهما في كلّ من التقابل والتباين والاختلاف.
وهو قد يمد تدبره علاقة مطلع السورة بسورة من قبلها غير قاصر لها على السورة التي سبقتها مباشرة على نحو ما تراه فاعلا في سورة " يونس" قائلا:
" لمَّا قدّم في أوّل الأعراف الحثَّ على إبلاغ النصيحة بهذا الكتاب وفرغ مما اقتضاه السياق من التحذيرمن مثل وقائع الأوليين ومصارع الماضيين، وما استتبع ذلك من توصيل القول في ترجمة هذا النبيّ الكريم - عليه السلام - مع قومه في أوامره وأثنائه وآخره في سورتي "الأنفال" و"براءة" وختم ذلك بأنّ سور الكتاب تزيد كلّ أحد مما هو ملائم له متهيئ لقبوله وتبعده عمَّا هو منافر له بعيد من قبول ملاءمته، أنّ الرسولَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا بذلك قد حوى من الأوصاف والحلى والأخلاق العُلى ما يوجب الإقبال عليه والإسراع إليه، والإخبار بأنّ توليه عنه لايضرّه شيْئًا؛ لأنّ ربّه - سبحانه وتعالى - كافيه؛ ولأنَّه لامثل له، وأنّه ذو العرش العظيم
لما كان ذلك كذلك أعاد - سبحانه وتعالى - القول في شأن الكتاب الذي افتتح به "الأعراف" وختم به سورة التوبة، وزاده وصف الحكمة، وأشار بأداة البعد إلى أنَّ رتبته فيها بعيدة المنال بديعة المثال، فقال: " تلك"... "آيات الكتاب"...
وهذا ماظهر لي في التحامها بما قبلها " (١)

(١) - نظم الدرر: ٩ / ٦٢ -٦٤


الصفحة التالية
Icon