وفي هذا إشارة إلى المفارقة العظيمة بين حال أصحاب وأتباع النبي سيدنا محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مع القرآن الكريم الذي نزل علي نبيهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وحال التابعين للأنبياء والمرسلين وموقفهم من الكتب التي أنزلت عليهم إليهم: صحابة النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا كانوا آلات تأكيد حفظ ذلك الكتاب وعصمته من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان. وأمة الأنبياء السابقين كانت سببا في التحريف والتبديل والتغيير بالزيادة والنقصان. فانظر فضل الله - سبحانه وتعالى - على أتباع حبيبه محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
وهذا يؤكد تقرير أن حفظ القرآن الكريم من أدنى تغيير بتقديم أوتأخير لآية أو سورة إنِّما هو من الله - سبحانه وتعالى - وأنَّ ما كان من فضل أجراه الله - سبحانه وتعالى - على أيدي صحابة عبده ونبيه ورسوله سيدنا محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إنما هو متمثل في أن جعلهم آلات إظهار الحفظ في وعاء آخر مضموما إلى الوعاء السابق:
الحفظ بين دفتي المصحف ضميمة إلى الحفظ في الصدور.
مجمل الأمر في هذا: أنَّ ترتيب السور بين دفتي المصحف على النحو الذي هو بين أيدينا والذي سيبقى كذلك إلى قيام الساعة هوهو الذي كان قائما في صدرالنبي سيدنا محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وحيا من الله تعالى، وفي صدور أصحابه رضوان الله عليهم تلقيا من النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وليس اجتهادًا، وأن في هذا الترتيب من آيات الإعجاز البياني ما في تركيب آياته في السورة الواحدة، بل وما في تركيب كلمات الآية الواحدة من الإعجاز البياني العظيم المجيد.