فهذا دال على أنَّ اختصاص "يونس" - عليه السلام - بهذه السورة تسمية لما كان من خبر رفع العذاب عن قومه لإيمانهم حين معاينة العذاب، وصدقهم في إيمانهم، فكان من فيض قيومية الحق وأنَّه فعالُّ لما يريد، وأنَّه هو الذي يعذب من شاء بما شاء ومتى شاء ولماشاء، فذلك لحكمة هو بها عليم وهو الذي أنزل هذا الكتاب الذي يهدي إلى ذلك ويقصّ علينا من تلك الأخبار ما لم يقصَّ غيره منها، فالذي أتى بالرحمة من العذاب إلى قوم يونس هو الذي أتى بالكتاب الحكيم إلى عبده ونبيه محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
وفي مفتتح سورة "هود" - عليه السلام - يبين المقصود الأعظم بقوله:
" مقصودها وصف الكتاب بالإحكام والتفصيل في حالتي البشارة والنذارة المقتضي ذلك لمنزله - سبحانه وتعالى - وضع كلّ شيءٍ في أتمّ محاله وإنفاذه مهما أريد الموجب للقدرة على كلّ شيءٍ"
ثُم يبين وجه تسميتها بـ"هود"- عليه السلام -، وقد ذكر فيها من قصص الأنبياء كثير، وذكرت قصة "هود "- عليه السلام - في غيرها ولم تسم بها قائلا:
" وأنسب ما فيها لهذا المقصد ما ذكر في سياق قصة "هود" - عليه السلام - من إحكام البشارة والنذارة بالعاجل والآجل والتصريح بالجزم بالمعالجة بالمبادرة الناظر إلى أعظم مدارات السورة
﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ (هود: ١٢)
والعناية بكلّ دابّةٍ والقدرة على كلّ شيءٍ من البعث وغيره المقتضي للعلم بكلّ معلوم اللازم منه التفرد بالملك
وسيأتي في"الأحقاف" وجه اختصاص كلّ منهما باسمهما" (١)
وفي سورة الأحقاف يقول:

(١) - نظم الدرر ٩ /٢٢٤


الصفحة التالية
Icon