والإنفاق في سبيل الله - عز وجل - احتسابا إنَّما هو ثمرة الإيمان بالغيب والإيمان بالآخرة إنَّما هو إيمان بالغيب الذي لاسبيل إلى علم شيءٍ منه إلا من إنباء الكتاب أو السنة.
في الاستهلال جمل رئيسة مصرحة بالمقصود إذا ما وُفِّقَ المتدبِّرُ إلى استبصارها كانت السبيل إلى فقه مقصود السورة الأعظم ملحَّبًا ٠
ولذلك تراه في سورة البقرة يشيرإلى أنَّ الحث على الإنفاق قد ظهر جليَّا في مواضع عدة من السورة.
تراه يشيرعند تأويله قول الله - عز وجل -: ﴿يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة: ٢١٥)
إلى أن في صدر السورة إشارة إلى النفقة، قائلا:...
" ولمَّا كانت النفقة من أصول ما بنيت عليه السورة من صفات المؤمنين [المتقين] (وَمِمَّا رَزَقْناهُم يُنْفِقُونَ) (البقرة: ٣) ثُمَّ كرر الترغيب فيها في تضاعيف الآي إلى أنْ أمر بها في أول آيات الحج الماضية آنفًا مع أنَّها من دعائم بدايات الجهاد إلى أنْ تضمنتها الآية السالفة مع القتل الذي هو نهاية الجهاد كان هذا موضع السؤال عنهما فأخبر تعالى عن ذلك على طريق النشر المشوش... " (١)
ومن البين أنَّ الإنفاق احتسابا لوجه الله - عز وجل - إنما يتخلَّق به من كان مؤمنا بالغيب، وإلا لم يَكُ إنفاقُه احتسابًا، فكان باطلا في ميزان الشرع
وهو يقرِّرُمثلَ هذا الذي نقلته عنه هنا في تأويله قول الله - سبحانه وتعالى -:
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
(البقرة: ٢٤٥)

(١) - نظم الدرر: ٣/٢١٢


الصفحة التالية
Icon