﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (فاطر: ١-٢)
وفي كل سورة ينتشر ما يدل على علَّة الحمد المستهلة بها على الترتيب
والمقام لايتسع هنا لتفصيل القول فيها، وقد فصلته في دراستي للعالمية: التناسب القرآني عند البقاعي".
في مطلع كلّ سورة من السورالأربع المستفتحة بالحمد لله ما يدل على مضمون السورة ومقصودها على ترتيب النعم المحمود عليها الله عزَّ وجلّ وهي نعم كلية جامعة.
والعناية بتأويل مطلع السورة ودلالته على مقصودها الأعظم معدنه الإيمان بأن السورة القرآنية قائمة من معنى كلّيٍّ مهيمن على مكونات السورة كلها، وأنَّ في مفتتح السورة ما يهدي إلى مكنونها من المعاني.
وهذا المنهاج في التأويل هو من أصول النظر العربي في فقه البيان، فعلماء العربية لهم عناية بهذا الباب، فقد أوصى بعض النقاد الكتاب: "احسنوا معاشرالكتاب الابتداءات، فإنّهن دلائل البيان " (١)
المعلم الخامس.
ردُّ مَقطَعِ السورة على مطلعها
يقيم "البقاعيَّ" منهاجه في تأويل البيان القرآنيّ على أنَّ بناء السورة القرآنية بناء الدائرة المفرغة الملتحم طرفاها التحامًا لا يتبيّنُ مفصلٌ بين أولها وأخرها. لا، بل ليس هنالك أولٌ ولا آخِرٌ ولا التحامٌ ولا التئامٌ، بل هنالك سبكٌ وإفراغٌ.