وفي البعث على رأس كل مئة سنة إشارة إلى أن الله - عز وجل - من فيض رحمانيته ورحيميته لم يدع هذه الأمة تقيم في الإيغال في المعصية والاستهتار في البعد عن الطاعة أمدًا طويلا بل يجعل في كل جيل من أجيالها من يُجدِّد لها دينها، فلا تتراكم الدياجير عليها، فيكون إخراجها من تلك الدياجير غير عسير؛ لأنَّ من أقام في ظلمات المعصية أمدًا بعيدًا كان غير يسير على من قام لإخراجه منها أن ينجز ما قام له، وهذا من فيض العون الإلهي لورثة النبي - ﷺ -
المجدد المبعوث على رأس كلِّ سنة لايكون واحدًا بل يكون البعث لأكثر من واحد في مجالات عدة، ومن ثمَّ فإنِّي أعدُّ بعضًا من أهل العلم في قرن واحد ومجالاتٍ من الفقه في الكتاب والسنَّة ممن ابتعثهم الله - عز وجل - يجدد لهذه الأمة دينها: فهم كتابه وسنة نبيه - ﷺ -
في القرن التاسع الهجري مجددون لهذه الأمة منهم "برهان الدين البقاعي" صاحب تفسير" نظم الدرر"، جدّد لهذه الأمّة فهم كتاب الله - عز وجل -
وقدرغبت في أن أعدّ هذا الكتاب عن حياة عقله وجهاد قلمه ومنهاج تأويلِه بلاغة القرآن الكريم وأنشره في طلاب العلم بالكتاب والسنة.
ومن ثَمَّ جعلتُ الكتابَ بابين:
الأول: جهاده في طلب العلم وتعليمه.
والباب الثاني جعلته لتبيان منهاجه في تأويل بلاغة القرآن الكريم
وقد حرَصْتُ على أنْ أذكر نماذج من تفسيره " نظم الدرر" لما أراه معلما من معالم منهاجه في تأويل القرآن الكريم عسى أن يكونَ في قراءة هذه النماذجِ ما يُغري القارئَ بالقراءةِ في تفسيره نفسه قراءةَ بحثٍ وعرفان جديرٍ بالصبر والمصابرة