وقد اختلفَ في تفضيلِ بعضِ القرآن على بعضٍ، فأنكر قومٌ ذلك، قالوا: لأنَّه كلَّه كلامُ الله، وصفةٌ من صفاتِه، فلا يوصف بعضُه بالفضلِ على بعضٍ، وحُكي عن مالكٍ نحو هذا(١)، وهو قولُ الأشعريِّ وابنُ الباقلانيِّ وجماعةٌ.
وقيل: التفضيل يعودُ إلى ثوابِه وأجرِه، لا إلى ذاتِه، وهو قولُ طائفةٍ منهم ابنُ حِبَّان(٢).
وقيل: بل التفضيلُ يعود إلى [ [(٣) اعتبارين:
أحدهما: اعتبار تكلُّم الله به.
والثاني: اعتبار ما تضمَّنه من المعاني، فما تضمَّن التوحيد والتنزيه أعظم مما تضمَّن الإخبار عن الأُمم أو ذكر أبي لهب ونحو ذلك.
وهذا قولُ إسحاقَ وكثيرٍ من العلماء والمتكلِّمين، وهو الصَّحيحُ الذي تدلُّ عليه النُّصوصُ الصَّحيحة.
الفضيلةُ الثانية: أنَّه لم ينزل في القرآن، ولا في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ، مثلُها، فروى عبدُ الحميدِ بنُ جعفرٍ عن العلاء بنِ عبدِ الرحمن عن أبيِه عن أبي هريرةَ عن أُبيِّ بنِ كعبٍ قال: قال رسولُ الله - ﷺ -: «ما أنزل اللهُ تبارك وتعالى في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ مثل أمّ القرآن، وهي السَّبعُ المثاني». أخرجه عبدُالله بنُ الإمامِ أحمدَ والنسائيُّ(٤).
(٢) انظر: «الإحسان» لابن بلبان (٣/٥٣ رقم:).
(٣) بياض بالأصل.
(٤) «زوائد المسند» (٥/١١٤)، و«سنن النسائي» (٢/١٣٩-رقم: ٩١٤).