وحَكَى أبو الليث أنَّ نصفَهَا نزل بالمدينة، ونصفَهَا بمكَّة(١).
وقيل: نزلت بين مكَّة والمدينة.
والصحيح أنَّها أُنزلت بمكَّة، فإنَّ «سورة الحِجْر» مكِّيَّةٌ بالاتفاق، وقد أنزل الله فيها: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ ﴾ ]الحجر: ٨٧[، وقد فسَّرها النبيُّ - ﷺ - بالفاتحة، فعُلم أنَّ نزولهَا متقدمٌ على نزول «الحِجْر»، وأيضًا فإنَّ الصَّلاةَ فُرضت بمكَّة، ولم يُنقل أنَّ النبيَّ - ﷺ - وأصحابَه صلَّوا صلاةً بغير فاتحة الكتاب أصلاً، فدلَّ على أنَّ نزولهَا كان بمكَّةَ.
وأمَّا الرِّواية بأنَّها أوَّلُ سورةٍ أُنزلت من القرآن فالأحاديث الصَّحيحة تردُّه.
***
الفصل الثاني: في عددها
وهي سبعُ آياتٍ كما دلَّ عليه قولُه تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ﴾ ]الحجر: ٨٧[، وفسَّرها النبيُّ - ﷺ - بالفاتحة، ونقل غيرُ واحدٍ الاتفاق على أنَّها سبعٌ، منهم ابنُ جرير(٢) وغيرُه، لكن مَنْ عَدَّ البسملة آيةً منها جعلَ الآية السابعة: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾، ومَنْ لم يَجْعلْ البسملةَ آيةً منها جَعَلَ الآية السابعة: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ (٣) آمين.
وفيها قولان شاذّان:
أحدُهما: أنَّها ستُّ آياتٍ، حُكي عن حسين الجُعْفِيِّ.
والثاني: أنَّها ثمانُ آياتٍ، وأنَّ: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ ﴾ آيةٌ، نُقل عن عمرو بن عبيد، ولا يعبأُ به.
وأمَّا كلماتُها: فهي خمسٌ وعشرون كلمةً.
وأمَّا حروفُها: فمائةٌ وثلاثة عشر حرفًا.
* * *
الفصل الثالث: في أسمائها
ولها أسماءٌ متعددةٌ:
(٣) كذا بالأصل، ولعل الصواب: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ﴾.