وقال بعضهم في وصاته لرجل يكثر الدخول على الملوك: أدخل إذا ما دخلت أعمى * وأخرج إذا ما خرجت أخرس وقال قتادة: " صم " عن استماع الحق، " بكم " عن التكلم به، " عمى " عن الابصار له.
قلت: وهذا المعنى هو المراد في وصف النبي ﷺ ولاة آخر الزمان في حديث جبريل (وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الارض فذاك من أشراطها).
والله أعلم.
قوله تعالى: (فهم لا يرجعون) أي إلى الحق لسابق علم الله تعالى فيهم.
يقال: رجع بنفسه رجوعا، ورجعه غيره، وهذيل تقول: أرجعه غيره.
وقوله تعالى: " يرجع بعضهم إلى بعض القول (١) " [ سبأ: ٣١ ] أي يتلاومون فيما بينهم، حسب ما بينه التنزيل في سورة " سبأ (١) ".
قوله تعالى: أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون
أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (١٩) قوله تعالى (أو كصيب من السماء) قال الطبري: " أو " بمعنى الواو، وقاله الفراء.
وأنشد: وقد زعمت ليلى بأني فاجر * لنفسي تقاها أو عليها فجورها (٢) وقال آخر: (٣) نال الخلافة (٤) أو كانت له قدرا * كما أتى ربه موسى على قدر أي وكانت.
وقيل: " أو " للتخيير أي مثلوهم بهذا أو بهذا، لا على الاقتصار على أحد الامرين، والمعنى أو كأصحاب صيب.
والصيب: المطر.
واشتقاقه من صاب يصوب إذا نزل، قال علقمة: فلا تعدلي بيني وبين مغمر * سقتك روايا المزن حيث تصوب (٥)

(١) راجع ج ١٤ ص ٣٠٢ (٢) البيت من قصيدة لتوبة الخفاجي قالها في ليلى الاخيلية.
(٣) هو جرير بن عطية يمدح عمر بن عبد العزيز.
(٤) في ديوانه المخطوط: (إذ) بدل (أو).
(٥) المغمر والغمر: الجاهل الذي لم يجرب الامور، كأن الجهل غمره واستولى عليه.
وروايا المزن: التي.
تروى بكثرة مائها.
(*)


الصفحة التالية
Icon