قوله تعالى: (الذي جعل لكم الارض فراشا) فيه ست مسائل: الاولى - قوله تعالى: " الذي جعل " معناه هنا صير لتعديه إلى مفعولين: ويأتي بمعنى خلق، ومنه قوله تعالى: " جعل الله من (١) بحيرة ولا سائبة " [ المائدة: ١٠٣ ] وقوله: " وجعل الظلمات والنور " [ الانعام: ١ ] ويأتي بمعنى سمى، ومنه قوله تعالى: " حم.
والكتاب المبين.
إنا جعلناه (٢) قرآنا عربيا " [ الزخرف: ١ - ٣ ].
وقوله: " وجعلوا (٢) له من عباده جزءا " [ الزخرف: ١٥ ].
" وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا (٢) " [ الزخرف: ١٩ ] أي سموهم.
ويأتي بمعنى أخذ، كما قال الشاعر: (٣) وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة * لضغمهما ها يقرع العظم نابها وقد تأتي زائدة، كما قال الآخر: وقد جعلت أرى الاثنين أربعة * والواحد اثنين لما هدني الكبر وقد قيل في قوله تعالى " وجعل الظلمات والنور ": إنها زائدة.
وجعل واجتعل بمعنى
واحد، قال الشاعر: (٤) ناط أمر الضعاف واجتعل اللي * - ل كحبل العادية الممدود " فراشا " أي وطاء يفترشونها ويستقرون عليها.
وما ليس بفراش كالجبال والاوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها، لان الجبال كالاوتاد كما قال: " ألم نجعل (٥) الارض مهادا.
والجبال أوتادا " [ النبأ: ٦ - ٧ ].
والبحار تركب إلى سائر منافعها كما قال: " والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس " (٦) [ البقرة: ١٦٤ ] الثانية - قال أصحاب الشافعي: لو حلف رجل ألا يبيت على فراش أو لا يستسرج بسراج فبات على الارض وجلس في الشمس لم يحنث، لان اللفظ لا يرجع إليهما عرفا.
٣٨٦.
(٢) راجع ج ١٦ ص ٦١ و ٦٩ و ٧١.
(٣) هو مغلس بن لقيط الاسدي.
وصف شدة أصابه بها رجلان من قومه، فيقول: قد جعلت نفسي تطيب لاصابتهما بمثل الشدة التي أصاباني بها.
وضرب الضغمة مثلا ثم وصف الضغمة فقال: يقرع العظم نابها.
فجعل لها نابا على السعة.
والمعنى: يصل الناب فيها إلى العظم فيقرعه.
(عن شرح الشواد للشنتمزي).
(٤) هو أبو زبيد الطائي يرثى اللجلاج ابن أخته.
يقول: جعل يسير الليل كله مستقيما كاستقامة حبل البئر إلى الماء.
ناط: علق.
والعادية: البئر القديمة.
(عن اللسان).
(٥) راجع ج ١٩ ص ١٦٩.
(٦) راجع ج ٢ ص ١٩٤.
(*)