فيه خلق السموات والارض، " وأوحى في كل سماء أمرها " [ فصلت: ١٢ ] قال: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلم، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب، فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين.
فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش، قال فذلك حين يقول: " خلق السموات والارض في ستة أيام " [ الحديد: ٤ ] ويقول: " كانتا رتقا ففتقناهما (١) " [ الانبياء: ٣٠ ] وذكر القصة في خلق آدم عليه السلام، على ما يأتي بيانه في هذه السورة إن شاء الله تعالى.
وروى وكيع عن الاعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: إن أول ما خلق الله عزوجل من شئ " القلم " فقال له اكتب.
فقال: يا رب وما اكتب ؟ قال: اكتب القدر.
فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة.
قال: ثم خلق النون فدحا الارض عليها، فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات، واضطرب النون فمادت الارض فأثبتت بالجبال، فإن الجبال تفخر على الارض إلى يوم القيامة.
ففي هذه الرواية خلق الارض قبل ارتفاع بخار الماء الذي هو الدخان، خلاف الرواية الاولى.
والرواية
الاولى عنه وعن غيره أولى، لقوله تعالى: " والارض بعد ذلك دحاها (٢) " [ النازعات: ٣٠ ] والله أعلم بما فعل، فقد اختلفت فيه الاقاويل، وليس للاجتهاد فيه مدخل.
وذكر أبو نعيم عن كعب الاحبار أن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الارض كلها، فألقى في قلبه، فقال: هل تدري ما على ظهرك يا لوثيا من الامم والشجر والدواب والناس والجبال ! لو نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك أجمع.
قال: فهم لوثيا بفعل ذلك، فبعث الله دابة فدخلت في منخره، فعج إلى الله منها فخرجت.
قال كعب: والذي نفسي بيده، إنه لينظر إليها بين يديه وتنظر إليه إن هم بشئ من ذلك عادت حيث كانت.
السابعة - أصل خلق الاشياء كلها من الماء لما رواه ابن ماجه في سننه، وأبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبى هريرة قال قلت: يا رسول الله، إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، أنبئني عن كل شئ.
قال: (كل شئ خلق من الماء) فقلت: أخبرني عن

(١) راجع ج ١١ ص ٢٨٢ (٢) راجع ج ١٩ ص ٢٠٢ (*)


الصفحة التالية
Icon