ويقال: ألكني أي أرسلني، فأصله على هذا مالك، الهمزة فاء الفعل فإنهم قلبوها إلى عينه فقالوا: ملاك، ثم سهلوه فقالوا ملك.
وقيل أصله ملاك من ملك يملك، نحو شمال من شمل، فالهمزة زائدة عن ابن كيسان أيضا، وقد تأتي في الشعر على الاصل،
قال الشاعر: فلست لانسي ولكن لملاك * تنزل من جو السماء يصوب وقال النضر بن شميل.
لا اشتقاق للملك عند العرب.
والهاء في الملائكة تأكيد لتأنيث الجمع، ومثله الصلادمة.
والصلادم: الخيل الشداد، واحدها صلدم.
وقيل: هي للمبالغة، كعلامة ونسابة.
وقال أرباب المعاني: خاطب الله الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادة والتسبيح والتقديس، ثم ردهم إلى قيمتهم، فقال عزوجل: " اسجدوا لآدم " [ البقرة: ٣٤ ].
الثالثة: قوله تعالى: " إني جاعل في الارض خليفة " " جاعل " هنا بمعنى خالق، ذكره الطبري عن أبي روق، ويقضي بذلك تعديها إلى مفعول واحد، وقد تقدم.
والارض قيل إنها مكة.
روى ابن سابط عن النبي ﷺ قال: (دحيت الارض من مكة) ولذلك سميت أم القرى، قال: وقبر نوح وهود وصالح وشعيب بين زمزم والركن والمقام.
و " خليفة " يكون بمعنى فاعل، أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الارض، أو من كان قبله من غير الملائكة على ما روى.
ويجوز أن يكون " خليفة " بمعنى مفعول أي مخلف، كما يقال: ذبيحة بمعنى مفعولة.
والخلف (بالتحريك) من الصالحين، وبتسكينها من الطالحين، هذا هو المعروف، وسيأتي له مزيد بيان في " الاعراف (١) " إن شاء الله.
و " خليفة " بالفاء قراءة الجماعة، إلا ما روي عن زيد بن علي فإنه قرأ " خليقة " بالقاف.
والمعنى بالخليفة هنا - في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل - آدم عليه السلام، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره، لانه أول رسول إلى الارض، كما في حديث أبي ذر، قال قلت: يا رسول الله أنبيا كان مرسلا ؟ قال: (نعم) الحديث ويقال: لمن كان رسولا ولم يكن

(١) راجع ج ٧ ص ٣١٠ (*)


الصفحة التالية
Icon