قوله تعالى: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) أمر معناه الوعيد وقد مضى الكلام في التقوى (١).
" يوما " يريد عذابه وهوله وهو يوم القيامة.
وانتصب على المفعول ب " - أتقوا " ويجوز في غير القرآن يوم لا تجزى على الاضافة.
وفى الكلام حذف بين النحويين فيه اختلاف.
قال البصريون: التقدير يوما لا تجزى فيه نفس عن نفس شيئا ثم حذف
فيه كما قال: * يوما شهدناه سليما وعامرا (٢) * أي شهدنا فيه وقال الكسائي هذا خطأ لا يجوز حذف " فيه " ولكن التقدير واتقوا يوما لا تجزيه نفس ثم حذف الهاء وإنما يجوز حذف الهاء لان الظروف عنده لا يجوز حذفها قال لا يجوز أن تقول هذا رجلا قصدت ولا رأيت رجلا أرغب وانت تريد قصدت إليه وأرغب فيه قال ولو جاز ذلك لجاز الذي تكلمت زيد بمعنى تكلمت فيه زيد.
وقال الفراء يجوز أن تحذف الهاء وفيه وحكى المهدوي أن الوجهين جائزان عند سيبويه والاخفش والزجاج ومعنى " لا تجزي نفس عن نفس شيئا ": أي لا تؤاخذ نفس بذنب أخرى ولا تدفع عنها شيئا تقول جزى عني هذا الامر يجزي كما تقول قضى عني واجتزأت بالشئ اجتزاء إذا اكتفيت به قال الشاعر: فإن الغدر في الاقوام عار * وأن الحر يجزأ بالكراع أي يكتفي بها.
وفي حديث عمر (إذا أجريت الماء على الماء جزى عنك) يريد إذا صببت الماء على البول في الارض فجرى عليه طهر المكان ولا حاجة بك إلى غسل ذلك الموضع وتنشيف الماء بخرقة أو غيرها كما يفعل كثير من الناس وفي صحيح الحديث عن أبي بردة بن نيار في الاضحية: (لن تجزي عن أحد بعدك) أي لن تغني فمعنى لا تجزي: لا تقضي ولا تغني ولا تكفي إن لم يكن عليها شئ فإن كان فإنها تجزي وتقضي وتغني
(٢) سليم وعامر: قبيلتان من قيس عيلان (*)