في اختلاف الالفاظ إذ كان المعنى متفقا، فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب وعادت لغاتهم الى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدروا بذلك على تحفظ الفاظه، فلم يسعهم حينئذ ان يقرءوا بخلافها.
قال ابن عبد البر: فبان بهذا ان تلك السبعة الاحرف انما كان في وقت خاص لضرورة دعت الى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الاحرف، وعاد ما يقرأ به القران على حرف واحد.
روى أبو داود عن ابي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا ابي اني اقرئت القران فقيل لي على حرف أو حرفين فقال الملك الذي معي قل على حرفين فقيل لي على حرفين أو ثلاثة فقال الملك الذي معي قل على ثلاثة حتى بلغ سبعة احرف ثم قال ليس منها الاشاف كاف ان قلت سميعا عليما عزيزا حكيما ما لم تخلط آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب ".
واسند ثابت بن قاسم نحو هذا الحديث عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر من كلام ابن مسعود نحوه.
قال القاضي ابن الطيب (١): وإذا ثبت هذه الرواية - يريد حديث ابي - حمل على ان هذه كان مطلقا ثم نسخ، فلا يجوز للناس ان يبدلوا اسما الله تعالى في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالف.
القول الثاني - قال قوم: هي سبع لغات في القران على لغات العرب كلها، يمنها ونزارها، لان رسول الله ﷺ لم يجهل شيئا منها، وكان قد اوتى جوامع الكلم، وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة اوجه، ولكن هذه اللغات السبع متفرقة في القران، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة
اليمن.
قال الخطابي: على ان في القران ما قد قرئ بسبعة اوجه، وهو قوله: " وعبد الطاغوت " (٢).
وقوله: " ارسله معنا غدا يرتع ويلعب " (٣) وذكر وجوها، كأنه يذهب الى ان بعضه انزل على سبعة احرف لا كله.
والى هذا القول - بأن القران انزل على سبعة احرف، على سبع لغات - ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام واختاره ابن عطية.
قال أبو عبيد: وبعض الاحياء
(٢) آية ٦٠ سورة المائدة.
(٣) آية ١٢ سورة يوسف.
(*)